(4-3) - باب كَرَاهِيَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.
كتبه / محمود الشرقاوي
9 - عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رِوَايَةً قَالَ «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلاَ بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَكُنَّا نَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. [حكم الألباني: صحيح]
معاني المفردات:
رِوَايَةً: معناها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مَرَاحِيضَ: جمع مرحاض وهو المكان المعد لقضاء الحاجة.
شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا: أي اتجهوا ناحة الشرق أو الغرب لمن لم تكن قبلته ناحية الشرق ولا ناحية الغرب.
قِبَلَ الْقِبْلَةِ: أي تجاه القبلة.
فقه الحديث: يدلّ الحديث على:
1- هذا الحديث مع ما تقدم من الأحاديث يدل على أن القبلة لا تستقبل ولا تستدبر عند قضاء الحاجة، وهذا فيه احترام القبلة وتوقيرها، وأن الإنسان عندما يقضي حاجته لا يستقبل ولا يستدبر القبلة.
2- (ولكن شرقوا أو غربوا)، وهذا إنما يكون في حق سكان المدينة المنورة أو من كان في شمال المدينة، وكذلك من كان جنوب مكة فإنه يشرق أو يغرب اما من كانت قبلته ناحية الشرق أو ناحية الغرب فإنه اثناء قضاء الحاجة يتجه ناحية الشمال أو الجنوب.
3- أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يقول: (قدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة -يعني: فيها استقبال للكعبة أثناء قضاء الحاجة - فكنا ننحرف عنها يسيراً ونستغفر الله) وهذا يدلنا على أن أبا أيوب رضي الله عنه يرى التعميم في ترك الاستقبال سواء كان في البنيان أو في غير البنيان مطلقاً وهو قول لبعض أهل العلم.
وقول أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه هنا: (فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله) لماذا يستغفر أبو أيوب الأنصاري رضي الله؟ الجواب لاحتمالين:
الاحتمال الأول: يحتمل أنه يكون سبب الاستغفار أن الانحراف عن القبلة ليس بكامل؛ لأنه جاء في بعض الروايات: (يسيراً).
الاحتمال الثاني: لأن ذلك فيه عدم تعظيم للقبلة وأبو أيوب يعلم أن هذا ذنب ولكن لا يستطيع تغييره لأنه لا يستطيع أن يهدم هذه المراحيض ويعيد بنائها.
4- فيه أن من رأي منكر وهو يعلم أنه منكر لابد أن يغير هذا المنكر بيده فإن لم يستطع كما في حال أبي أيوب هنا فليغيره بلسانه كما بيَّن أبو أيوب وبقلبه كما استغفر أبو أيوب فإنه يحمل معني التغيير باللسان واليد.
5- ليس المقصود أنه يستغفر الله اثناء قضاء الحاجة ولكن بعد الخروج من المرحاض لأن ذكر الله لا يصح أثناء قضاء الحاجة وسوف يأتي دليل على ذلك في الأحاديث القادمة.
6- فيه العمل بالعلم وتعظيم كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأمره لأن أبا أيوب انحرف بجسده عن القبلة.
7- وفيه أن الإنسان يتجنب المنكرات بجسده وقلبه إن وجد نفسه في أماكن فيها المنكرات ولا يتساهل في اقتراف المنكر.
8- ينبغي إذا بنيت البيوت وجعلت فيها أماكن لقضاء الحاجة (دورات المياه) أن يلاحظ عدم توجيه المراحيض إلى القبلة أو استدبارها فيُراعي عند وضع المقاعد التي تقضى عليها الحاجة في دورات المياه أثناء بناء العمارات والبيوت ألا توضع إلى اتجاه القبلة ولا استدبارها بل إلى جهة لا يكون الإنسان أثناء قضاء الحاجة مستقبلاً للقبلة ولا مستدبراً لها، وإن كان ذلك جائزاً كما سوف يأتي في الأحاديث القادمة وهو قول لبعض أه العلم إلا أنه لاشك أن ترك ذلك وعدم الاستقبال والاستدبار القبلة أثناء قضاء الحاجة هو الأولى.