قراءة في كتاب التاريخ الإسلامي دروس وعبر (2 -3)
المؤلف : عبدالناصر الدياسطى ، باحث في التاريخ الإسلامي.
الدولة العباسية
أ. ذكر المؤلف أن الدولة العباسية حكمت قرابة خمسة قرون وربع القرن ، وذلك بداية من سنة ١٣٢هـ وحتى سنة ٦٥٦هـ ابتدأت بأبى العباس السفاح وانتهت بمقتل الخليفة المستعصم على أيدي التتار، حيث زالت دولتهم ؛ وذكر أن الشيعة لعبوا دورا بارزا في تشويه دولة بني العباس وهو نفس الدور الذي قاموا به في تغيير صفحات بني أمية بالإشتراك مع العباسيين ، ذلك أن آل البيت الذين كانت الدعوة باسمهم وعلى أساسها انفرط عقد بني أمية ، قد انفرد من بينهم بنو العباس الذين استأثروا وحدهم بالسلطة دون بني عمومتهم من أبناء أبي طالب ، فتباري الشيعة في ذكر مثالب بني العباس وتشويه صورتهم.
ب. مرت دولة الخلافة العباسية بعصرين اثنين:العصر الأول عصر القوة والإزدهار، والثاني عصر الضعف والإنهيار.
1. أما العصر العباسي الأول:
فقد ابتدأ من ١٣٢ هـ وانتهى ٢٤٧هـولمدة ١١٥ سنة ، وتناوب عليه عشرة من الخلفاء العظماء أولهم أبو العباس السفاح وآخرهم المتوكل.
كانت الخلافة في هذا العصر قوية ، والخلفاء هم القابضون على زمام الأمور، وكانت سلطة الخلافة تمتد على القسم الأكبر من الإمبراطورية عدا الأندلس ، فهي تحت سيطرة الأمويين ، وقسم من شمالي إفريقيا ، وكانت الأحوال الداخلية والخارجية منتظمة على وجه العموم إلا من بعض فتن قام بها العلويون وبعض الفرس ، من أجل المطالبة بالخلافة ، وامتاز الخلفاء بتوقير أهل العلم والأدباء ورجال الدين ، مما كان له أكبر الأثر على ازدهار الحياة العلمية والاجتماعية .
تزامن مع هذه الفترة تمكن عبدالرحمن الداخل من إقامة حكم أموي في الأندلس ، فبعدما فتحها طارق بن زياد ٩٢هـ ، وموسى بن نصير ٩٣هـ ، وانتهى عهد الفتح ، تحول الفاتحون إلى تنظيم البلاد ونشر الإسلام فيها ، واتخذت قرطبة كأول عاصمة للمسلمين في الأندلس ، ثم دخلها عبدالرحمن الداخل وحولها إلى إمارة سنة ١٣٨هـ ، ثم تحولت إلى خلافة في عهد الناصر وابنه المنتصر سنة ٣٥٠هـ ، ثم جاء عهد الطوائف ٣٩٩هـ ، ودخلت الأندلس في تشتت وتمزق.
2. أما العصر العباسي الثاني:
فهو عصر الضعف والإنهيار، وقد قسمه المؤرخون إلي ثلاثة عصور ، بحسب القوة المهيمنة على الحكم .
الأول: عصر سيطرة الترك ، ويمتد من ٢٤٧: ٣٣٤= ٨٧ سنة.
•تعاقب على هذه الفترة اثنا عشر خليفة ، من المنتصر إلي المستكفي سيطر القواد الترك على مقاليد الأمور ، وبلغ من نفوذهم أن الخلفاء الأربعة الذين جاءوا بعد المتوكل : المنتصر والمستعين ، والمعتز ، والمهتدى فقدوا حياتهم بسبب هذا النفوذ المتزايد ؛ ولا يعني ضعف الخلفاء في هذه الفترة أنهم كانوا سيئي السيرة والسمعة ، بل كان أكثرهم من الفضلاء ، وما كان من خلاف بينهم فمرده إلى نظرة كل واحد واجتهاده في أمر الإصلاح ، وكان كلٌ يظن أن ضبط الأحوال لن يكون إلا من جهته.
• ومن معالم هذه المرحلة: أن أسس التشيع وضعت في هذه الحقبة ، أي العصر الثاني للدولة العباسية.
• كان عهد الخلفاء الأربعة الأوائل: المنتصر، المستعين، المعتز، المهتدي ؛ عهد التفوق التركي على الخلفاء ، وكان عهد الثلاثة الذين جاءوا من بعدهم : المعتمد، المعتضد، المكتفي ، عهد انتعاش وقوة ، واستطاع الثلاثة أن يستردوا نفوذهم ، ثم كانت الإنتكاسة في عهد المقتدر والظاهر، الذين كثرت في عهدهم الفتن والثورات ، فظهر في عهد الراضي الذي تولي بعدهما ، منصب أمير الأمراء ، الذي نقل كل سلطات الخليفة إلي حوزته وتحت قبضته.
• وفي هذه الحقبة تولى هشام الثالث حكم الأندلس من سنة ٣٥٤ هـ وحتى ٤٠٣هـ
، وقد بلغت قرطبة في عهده قمة عظمتها ، وصارت منبرا للعلم والثقافة وتوجه إليها أبناء الملوك والأثرياء في أوروبا للدراسة في مدارسها وجامعاتها وعند عودتهم إلي بلادهم يفخرون بأنهم تعلموا على أيدي العلماء المسلمين ، ومما نفاخر به أن ملك إنجلترا جورج الثاني أرسل إلي هشام الثالث خليفة المسلمين رسالة ذكر فيها تعظيم هشام الثالث والإشادة بالرقي الذي تتمتع به معاهد العلم في الأندلس ، وذكر له أنه أرسل ابنة شقيقة الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات أشراف إنجلترا ليتعلموا في معاهدنا.
الثاني :عصر السيطرة البويهية الشيعية ، وتمتد من سنة ٣٣٤هـ وحتى ٤٤٧ هـ ولمدة ١١٣ سنة.
• تعاقب على هذه المدة أربعة خلفاء فقط :المطيع ، الطائع ، المقتدر ، القائم ، فقد طالت مدد خلافتهم ، حيث أن إمرة الأمراء التي كان يتولاها آل بويه ، كانت تتحمل كافة تبعات الحكم ، وبالتالي حددوا نفوذ الخليفة.
• يعود آل بويه في أصولهم إلي الفرس وسكنوا بلاد الديلم ، ومثلوا حركة فارسية شيعية زيدية ، وحاولوا في مدة حكمهم صبغ العراق بالصبغة الشيعية.
•قامت في عهدهم دول شيعية كثيرة ، فالعبيديون في مصر والمغرب وأجزاء من الشام ، والحمدانيون في الموصل والشام ، والقرامطة في البحرين وأجزاء من الجزيرة العربية ، واحتلوا دمشق.
•غلب على هذه المرحلة كثرة الفتن التي أثارها الشيعة ، وضاع أمر الإسلام في دولة بني بويه ، وتركوا الجهاد ، وهاجت نصارى الروم ، وأخذوا المدائن وقتلوا وسبوا .
•ظهر في هذه المرحلة تدوين المذهب الشيعي ونما وانتشر بفضل الدعم السياسي له ، فظهرت الطائفية المقيتة في العالم الإسلامي والتي تعاني منها الأمه إلي الآن.
الثالث :عصر السلاجقة : والذي امتد من ٤٤٧هـ وحتى ٦٥٦هـ ولمدة ٢٠٩ سنة.
•وكان خلفاء هذه المرحلة على درجة عالية من العدل والصلاح فأحبتهم الرعية كثيرا ، وقد بلغ عددهم أحد عشر خليفة.
• وذكر المؤلف أن السلاجقة ينسبون إلي سلجوق بن دقاق التركماني ، وموطنه الأصلي بلاد ما وراء النهر.
• حكم الدولة السلجوقية التي ظهرت في القرن الخامس عدد من السلاطين أبرزهم أرطغرل ت ٤٥٥هـ ، ألب أرسلان ت ٤٥٦هـ ملكشاه ت ٤٨٥هـ ، وقد بلغت الدولة في عهده قمة اتساعها.
• واستطاع هؤلاء السلاطين أن يوحدوا المشرق الإسلامي من جديد تحت رايتهم ، وتعاملوا مع الخلفاء بإجلال واحترام كبير ونجحوا في سحق الباطنية في دمشق وأصبهان وغيرهما.
• تميز الخلفاء في هذه المرحلة بالعقيدة والتوجه السني ، عدا الخليفة الناصر (٥٧٥_ ٦٢٢) هـ الخليفة الثامن من خلفاء هذه المرحلة الذي كان أظهر التشيع ، فكان يفضل عليَا على عثمان رضي الله عنهما
• وقع في هذه المرحلة الهجوم الصليبي على الأراضي الإسلامية ، لكنهم فشلوا وطردوا في نهاية المطاف ، فكانوا من أسباب تحريض المغول علي غزو بلاد المسلمين ، فتحركوا صوب بغداد وأسقطوها ، وقتلوا الخليفة المستعصم ، وخربوا البلاد وقتلوا قرابة المليون من المسلمين ، وذلك سنة ٦٥٦هـ .
• ثم ذكر المؤلف أسباب سقوط دولة الخلافة العباسية ، فمن ذلك ترك الجهاد في سبيل الله ، ضعف همم ملوك الإسلام ، وانحسار سلطان الخلافة ، وخيانات الشيعة الرافضة ، وضعف دور العلماء في تهيئة الأمة لرفع راية الجهاد ، ومقاومة الأعداء ، وضعف الخليفة المستعصم ، وتسليمه أمور الدولة للوزير الشيعي ابن العلقمي الخائن.
التتار
أ.ذكر المؤلف أنهم مجموعة من القبائل البدوية التي كانت تنتشر في شمال الصين ، وكانت ديانتهم خليط من أديان شتى ، جمعها جنكيز خان بعضها من الإسلام وبعضها من المسيحية والبوذية ، وبعضها من عند نفسه وضمنها كتابا سماه "الياسق" .
ب. تميزت حروبهم بسرعة الإنتشار ، والترتيب المحكم ، والأعداد الهائلة ، وجنود بلا قلب ، وحروب تخريبية وإبادة جماعية.
ج. اجتاح التتار إقليم خوارزم ، وبخارى وسمرقند ، وإقليم فارس ، ومرو ، ونيسابور ، وأفغانستان ، ثم حصار العراق ، وغزوها واستباحة دار الخلافة ، وتدمير مكتبة بغداد ، وقتل الخليفة ، ومعه قرابة المليون من أهل بغداد كما ذكر بعض المؤرخين.
دولة المماليك
أ. ذكر المؤلف أن مدة حكم المماليك مائتان وأربع وسبعون سنة ابتدأت من ٦٤٨هـ ل ٩٢٢هـ ؛ حكم منها المماليك البحرية ، ١٤٤ سنة ، من ٦٤٨ هـ وحتى ٧٩٢هـ وحكم المماليك الجراكسة ١٣٠ سنة ، من سنة ٧٩٢هـ وحتى ٩٢٢هـ .
ب. تعتبر فترة حكم المماليك البحرية من أزهى عصور مصر الإسلامية ، فقد حافظ أكثر السلاطين على تعاليم الدين وأداء فرائض ، وذكر المقريزى _الذي عاش حياته في العصر المملوكي_ أن الشريعة جرى تطبيقها على الرعايا المصريين في القاهرة وغيرها من المدن والقرى.
ج. ذكر المؤلف أن الوازع الديني كان كبيرا لدي هؤلاء المماليك ، وكانوا يهابون أهل العلم ، ويعرفون مدى تأثيرهم على الرعية ، فبالغوا في إكرامهم والتقرب إليهم ، حتى قال الظاهر بيبرس لو أن هذا الشيخ_ يعني العز بن عبدالسلام_ قال للناس: اخرجوا عليه ، لانتزع الملك مني ، وقال عندما سمع نبأ وفاته : الآن استقر ملكي.
د. انعكس هذا التكريم على حركة التأليف والتدوين ، فكانت هذه الفترة أغني أوقات التدوين ، فظهر من مشاهير الأمة : النووي ، والعز بن عبدالسلام ، ابن تيمية ، ابن القيم ، المزي ، ابن حجر ، الذهبي ، ابن جماقة ، ابن كثير ، المقريزي ، ابن تغري بردي ، القلقشندي .
هـ. وذكر المؤلف أن حركة الجهاد قد علا شأنها ، فدافعوا عن الدين والأرض ، فأحرزوا انتصارات مبهرة على الصليبيين والتتار في "عين جالوت"و " ومرج الصفر" و "المنصورة" و "فارسكور"
و. ثم تردت أحوال المماليك في زمان " المماليك الجراكسة" حتى سقطت الدولة في نهاية المطاف على أيدي سليم الأول العثماني بعد معركة الريدانية ٩٢٣ __١٥١٧.
ز.ثم ذكر المؤلف أن من أبرز أسباب سقوط المماليك ، صراع القوى المميت بين الأمراء أنفسهم ، والضربات الإقتصادية التي لحقت بهم ، بعد حركة الكشوف البرتغالية ، وتحول التجارة إلي رأس الرجاء الصالح ، والإنحراف التدريجي عن تطبيق الشريعة ، ثم الحرب مع العثمانيين.
والله ولي التوفيق
يتبع إن شاء الله