قراءة في كتاب التاريخ الاسلامي دروس وعبر (1 - 3)
• المؤلف: عبد الناصر الدياسطي باحث في التاريخ الاسلامي.
• تقسيم الكتاب على ثلاث مجلدات:
1. المجلد الأول اشتمل على خلافة الراشدين والخلافة الأموية وجاء في 504 من الصفحات.
2. الثاني اشتمل على الخلافة العباسية والتتار والمماليك وجاء في 632 صفحة.
3. الثالث اشتمل على الدولة العثمانية ولمحة عن أهم الدول العربية المعاصرة وجاء في 720 صفحة.
• أهمية الكتاب: يأتي الكتاب ليعالج عدة أمور لدى قارئ التاريخ ودارسه
1) الاعتدال في النظر إلى أحداث التاريخ فلا نوارى الانحرافات ولا نغفل عن العثرات بل ننقد الروايات نقدا علميا وفق مبادئ الجرح والتعديل.
2) لفت النظر إلى أن الانحرافات التي حدثت لأمتنا ليست إلا خطا أسودا لكنه في صفحة بيضاء تغطى هذا السواد الضئيل.
3) عدم التركيز على ما يسمى بالتاريخ السياسي وحده والذي قد يصور حياة المسلمين الأوائل وحكامهم بأنها كانت قائمة على الصراعات والمنافسات وسفك الدماء فحاول المؤلف أن يعطيه حقه لا أكثر ولا أقل ويعطى التقدم العلمي حقه والتقدم الاقتصادي حقه والترابط الاجتماعي حقه وصور العدل والتسامح حقها وصور الرحمة والإنصاف وتطبيق الشريعة حقها وصور التفاعل بين الحاكم والمحكوم حقها؛ في سياق بديع متناسق يعطى كل ذي حق حقه.
4) التركيز على أهمية الإلمام بالسنن الكونية الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تحابي أحدا فالأمم تقوي وتضعف وفقا لسنن ثابتة وتزدهر الحضارات وتنهار وفقا لسنن ثابتة فمعرفة هذه السنن يفيد في تجنب عوامل الضعف والسقوط والأخذ بأسباب الارتقاء والنهوض.
5) استعرض المؤلف باختصار غير مخل أهم المحطات التاريخية التي مرت على أمتنا بداية من دولة الخلافة الراشدة مرورا بالأمويين والعباسيين والمماليك والتتار ثم الدولة العثمانية وختم ذلك بلمحة سريعة عن أهم الدول العربية المعاصرة وذلك لوصل هذه الأجيال بعصور تاريخها المشرق والمشرف لتقوى العزائم وتستنهض الهمم لإعادة مجد أمتنا من جديد.
عرض الكتاب:
(المقدمة)
جاء فيها وجوب إعادة النظر مرة ثانية في صياغة تاريخ أمتنا من جديد وذلك لعدة أمور:
لمواجهة الهجمة الشرسة التي بدأت قديما منذ عهد الدولة الأموية وازدادت شراستها بعد سقوط الدولة العثمانية. لأن كتب التاريخ مليئة بالروايات الضعيفة والموضوعة التي شوهت تاريخ أمتنا فكان لزاما علينا تنقية هذه المصادر وما علق بها من كل كذب وتلفيق.
لأن أعداء الأمة يحاولون دائما محو ذاكرة الأمة وقطع صلتها بتاريخها المجيد وإماتة روح الاعتزاز بماضيها فصياغة التاريخ وفق المنهج الإسلامي الصحيح يحول دون ذلك.
لإخراج جيل مسلم يعتز بتاريخه ويعرف حقيقة إسلامه ومن ثم يتمسك به ويطبقه في عباداته ومعاملاته وأخلاقه وسلوكياته فلابد من صياغة التاريخ صياغة تبرز فيها هذه الجوانب التي تساعد على إيجاد هذا الجيل على هذا النحو.
ثم ذكر المؤلف أن المقصود بإعادة صياغة التاريخ تنقيته من الأخطاء والروايات المكذوبة ومن ثم إعادة صياغته وفق المنظور الإسلامي الصحيح بغرض الكشف عن الحقائق التاريخية من جهة والاستفادة من دراسة التاريخ في مجال التربية من جهة اخرى.
ثم ذكر تنبيهات مهمة لمن يريد إعادة صياغة تاريخ الأمة منها كتابته بأمانة وتجرد وعدم التركيز على ما يسمى بالتاريخ السياسي وحده مع ضرورة الإلمام بالسنن الكونية وأن تكون الصياغة وفقا للمنهج الإسلامي الصحيح.
ثم ذكر أهمية التاريخ والتي منها أنه يدرس للعبرة والتربية ويوسع أفق المسلم ويطلعه على أحوال الأمم وأنه ذاكرة الأمة التي لا يجوز لها أن تفقدها وأنه يغير الشخصية المسلمة إلى الأرقى والأحسن والأفضل.
وذكر أنه اتبع طريقة التاريخ الموضوعي مبتدئا بدولة الراشدين إلى ثورة 25 يناير 2011 وختم ذلك من باب التفاؤل بذكر كيفية إعادة الأقصى بل الأمة كلها إلى مكان العز والريادة من جديد.
دولة الخلفاء الراشدين:
ذكر المؤلف خلافة الصديق رضى الله عنه والتى ابتدأت من ربيع الأول 11 هـ إلى جمادى الأخرة 13هـ ولمدة سنتين وثلاثة اشهر وعشرة أيام وذكر أمر البيعة وأنها حدثت في جو من الحب والألفة عكس ما يشيعه أعداء الأمة من الشيعة والمستشرقين من حدوث نزاع وتنازع وكذبوا في ذلك ثم ذكر إنفاذ جيش أسامة رضى الله عنه تنفيذا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم ثم التصدي للمرتدين وإخماد فتنتهم ثم إرسال أربعة جيوش إلى الشام وإثنين إلى العراق لتبدأ رحلة الأمة نحو العالمية والقضاء على قوى الكفر فارس والروم ولم يترك الصديق رضى الله عنه الأمة حتى صار لها شأن عظيم بين قوى العالم آنذاك.
ثم ذكر المؤلف خلافة علي رضى الله عنه والتي ابتدأت سنه 35هـ وانتهت بمقتله شهيدا سنه 40 هـ وقد خضعت له جميع الأمصار عدا الشام التي كان يسير أمورها معاوية رضي الله عنه.
وذكر مطالبة معاوية والزبير وطلحة وعائشة رضي الله عنهم بدم عثمان رضي الله عنه وكان رأى علي رضي الله عنه الانتظار حتي تهدأ الأمور وتجتمع الكلمة ثم يطلبوا جميعا الثأر من القتلة، فوقعت أحداث الجمل سنة 36 هـ، ثم أحداث صفين سنة 37 هـ ولم يكن سبب هاتين المعركتين منازعة علي رضى الله عنه في الخلافة، إنما في توقيت تسليم القتلة فعلي رضى الله عنه ومن معه يرون الانتظار حتى تهدأ الفتنة وتجتمع الكلمة ومعاوية وطلحة والزبيروعائشة ومن معهم رضى الله عنهم يرون تسليم القتلة أولا وذكر المؤلف قول النووي: (وكان علي رضى الله عنه هو المحق المصيب)، هذا مذهب أهل السنه وأن الاخرين اجتهدوا فلهم أجر واحد وأهل السنه يمسكون عما وقع بينهم ونترضى عليهم جميعا ونحبهم ونتولاهم.
ثم ذكر خلافة الحسن رضي الله عنه والتي لم تدم أكثر من ستة أشهر وتنازل لمعاوية رضي الله عنه ومدحه النبي صلي الله عليه وسلم بقوله (إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من أمتي) وسمي عام 40 أو 41 _على خلاف بين المؤرخين_ عام الجماعة.
الدولة الأموية:
ذكر المؤلف أن تاريخ بني أمية أصابه التشويه من جهة بنى العباس وهم خصماؤهم السياسيون ومن جهة الشيعة الروافض ثم بتأثير المستشرقين على الكتاب المسلمين الذين درسوا لهم في أوروبا وفى جامعاتنا العربية وذكر المؤلف أنه مما ساعد على ذلك أيضا النكبات التي حدثت في عهدهم كنكبة مقتل الحسين رضى الله عنه وابن الزبير رضى الله عنهما.
وقد بين المؤلف أن عهد بنى أمية لم يكن سليما مائة بالمائة كما كان عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد الراشدين ولم يكن في ذات الوقت عهد جاهلي ولكنه عهد حدثت فيه أخطاء نعم هذا لا ينكر ولكن الخلفاء كانوا على درجة عالية من الإيمان والخوف من الله تعالى وكان المجتمع يعيش حياة الشبه بحياة المجتمع أيام الراشدين حتى بلغ الحال في زمنهم ألا يجدوا محتاجا يأخذ الزكاة لغنى المسلمين وكفايتهم.
وأوضح المؤلف أن ما حدث من بعض الخلفاء من الميل عن الجادة فقد كان انحرافا شخصيا لم يتعد الخليفة وبعض أتباعه وأن بقية الأمة وسائر العلماء والأئمة فكانوا بحمد الله يسلكون السبيل القويم.
ومن مظاهر عظمة هذه الدولة الفتية أن اتسعت الفتوحات اتساعا لم تبلغه في عهد قبله ففي عهد الوليد بن عبدالملك مثلا وصلت الدولة الإسلامية إلى قمة المجد السياسي وتعددت ميادين الفتوحات حتى وصلت إلى ثلاث قارات إفريقيا وأوروبا وآسيا ففي جنوب أوروبا اكتسح طارق بن زياد وموسى بن نصير إسبانيا والبرتغال وتحول محمد بن القاسم إلى شبه جزيرة الهند وانتصر على ملك السند وفتح قتيبة بن مسلم بلاد الترك حتى وصل الى الصين ومسلمة بن عبدالملك اجتاح بلاد الروم حتى وصل الى القسطنطينية؛ ثم ذكر المؤلف قول بن تيمية أن الإسلام وشرائعه في بني أمية أظهر وأوسع مما كان بعدهم وفى الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم
(لا يزال الأمر عزيزا إلى اثنتي عشر خليفة كلهم من قريش) وهكذا كان؛ فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ثم تولى من اجتمع الناس عليه معاوية رضي الله عنه وابنه يزيد ثم عبدالملك وأولاده الأربعة وبينهم عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.
ثم ذكر المؤلف أن الدولة الاموية بدأت منذ تنازل الحسن لمعاوية رضي الله عنهما في 25 ربيع الأول سنة 41 هـ وانتهت بمعركة الزاب بينهم وبين العباسيين في 11 جمادي الاولي سنة 132 هـ.
وذكر أن الدولة توالى عليها أسرتان الأسرة السفيانية والأسرة المروانية وكان خلفاؤهم ثلاث عشرة خليفة.
تولت الأسرة السفيانية من 41: 64 = 24 سنة وتوالى عليها ثلاثة خلفاء معاوية رضي الله عنه ويزيد ابنه ومعاوية الثاني.
وتولت الأسرة المروانية من سنة 73: 132 = 59 سنة وتوالى عليها عشرة خلفاء أولهم عبدالملك بن مروان وآخرهم مروان بن محمد وتخلل ذلك مدة حكم بن الزبير رضي الله عنهما والتي بلغت 9 سنوات من سنة 64: 73.
ثم سقطت الدولة سنة 132 هـ، وذكر المؤلف أن من أسباب السقوط تراجع الدولة عن الغاية التي قامت من أجلها، وهي حراسة الدين وسياسة الدنيا بالدين والصراع الداخلي بين أفراد البيت الأموي، والأثر السيئ للبدع خاصة بدعة الجهمية وكثرة الثورات الداخلية، حتي فاجأتهم الرايات السوداء من خراسان فانهزموا امامها وأعلن عن قيام دولة بني العباس وزوال الدولة الأموية التي تركت أثرا حميدا في تاريخ الأمة فرضي الله عنهم ورحمهم وغفر الله لنا ولهم.
هذا وبالله التوفيق ..يتبع إن شاء الله.