قراءة في كتاب: حكم شهادة النساء فيما سوى العقوبات مما يطلع عليه الرجال.

قراءة في كتاب: حكم شهادة النساء فيما سوى العقوبات مما يطلع عليه الرجال.
  • حكم شهادة النساء فيما سوى العقوبات ممايطلع عليه الرجل غالبا في الشريعة الاسلامية

    الحجم:1.42MB
    تحميل
الاثنين ٠٦ يونيو ٢٠٢٢ - ٠٨:٤٤ ص
242

قراءة في كتاب: حكم شهادة النساء فيما سوى العقوبات مما يطلع عليه الرجال.

كتبه/ محمود الشرقاوي.

المؤلف: أ.د/ محمد حسن أبو يحيى، الأستاذ في قسم الفقه وأصوله كلية الشريعة - الجامعة الأردنية.

موضوع الكتاب: بيان حكم شهادة النساء فيما سوى العقوبات مما يطلع عليه الرجال، فيشمل:

1- الشهادة على الأموال.

2- الشهادة فيما سوى الأموال والعقوبات مثل (النكاح، والطلاق، والرجعة، والظهار، والإيلاء، والوصية، والموت، والجرح، والتعديل).

وللكاتب مؤلفان آخران، أحدهما شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، والآخر حكم شهادة النساء في العقوبات، وهما غير هذا البحث.

* وقد ذكر الكاتب في كتابنا هذا خلاف أهل العلم في ذلك، ورجح عدم قبول شهادة النساء فيها، وقد جعل القول بالتسوية بين الرجال والنساء سفهاً، لا يقبله نقل صحيح ولا عقل صريح.

عرض الكتاب:

المقدمة: ذكر فيها أن الشريعة الإسلامية نظمت حقوق كثيرة متنوعة من الحقوق المالية، ورسمت الشريعة الطرق التي يثبت بها الحقوق من ضمنها الشهادة.

وقرر أن الأصل أن يتساوى الرجل المسلم العاقل الحر العدل بالمرأة المسلمة العاقلة الحرة في الشهادة، لكن الشرع لم يسوِّ بينهما في نصاب الشهادة، وبعض هذه الحقوق مختلف في شهادة النساء فيها، ورجح عدم قبول شهادة النساء فيها.

التمهيد: ذكر فيه معنى الشهادة لغة وشرعاً.

الفصل الأول: حكم شهادة النساء في الأموال في الشريعة:

اولاً: ذكر تعريف الأموال لغة وشرعًا.

ثانياً: حكم شهادة النساء مع الرجال في الأموال:

وذكر فيه اتفاق الفقهاء على:

(1) قبول شهادة امرأتين مسلمتين عدل حرتين في الأموال، إذا كان معهم رجل مسلم عدل، وذكر أدلة ذلك من القرآن (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) ومن السنه قَولَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» قُلْنَ: بَلَى قَالَ: «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا».

(2) واتفاق فقهاء المسلمين على عدم جواز شهادة الكافر والكافرة على المسلم أو المسلمة في الأموال، ماعدا الوصية في السفر التي وقع فيها الخلاف بينهم.

(3) واتفاق فقهاء المسلمين على جواز شهادة المسلم والمسلمة على الكافر والكافرة في الأموال.

الحكمة من إقامة شهادة امرأتين مسلمتين عدل مقام شهادة رجل مسلم عدل حر في الأموال منها:

1- الغفلة والنسيان: وهما من طبع المرأة أكثر من الرجل لقوله تعالى (أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى).

2- العاطفة: من قول النبي صلى الله وسلم «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا». فنقص عقلها لأن المرأة تغلب عاطفتها على عقلها، بخلاف الرجل يغلب عقله على عاطفته.

-قال وليس هذا إهانة للمرأة، لأن المرأة تقبل شهادتها فيما تطلع عليه غير الرجال، كالولادة والبكارة وعيوب النساء، ويوجد بعض الأمور ساوت فيها الرجل، ومنع الشرع في بعض الأمور المساواة فيها بالرجل، وليس هذا إهانة لها، بل هذا يسمى مانع شرعي، ويوجد ما يسمى بالمانع الطبيعي، كالعمل من أجل الإنفاق فهو على الرجل وليس على المرأة.

*مسألة: هل يشترط لقبول شهادة امرأتين مسلمتين عدل حرتين ورجل مسلم عدل حر في الأموال= عدم وجود رجلين أم لا يشترط؟

 -ذكر اختلاف الفقهاء المسلمين في ذلك:

 القول الأول: ذهب جمهور المسلمين إلى جواز شهادة امرأتين مسلمتين عدل حرتين ورجل مسلم عد الحر سواءً وجد رجل آخر أم لا، ورجح المؤلف هذا القول. 

القول الثاني: اشتراط عدم وجود رجل آخر، وجعله قولًا مرجوحًا، أما قوله تعالى: (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فعلى سبيل التخيير وليس الاشتراط.

ثالثا: حكم شهادة النساء منفردات على الأموال:

1- لا تجوز شهادة المرأة المسلمة الواحدة العدل الحرة على المال وما يقصد منه المال، عند الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وأهل الظاهر، لأن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، ولا يثبت بشهادة نصف الرجل شيء من الحقوق، وقال: إن ما خالف ذلك فهو قول شاذ، ورد على قول ابن حزم، الذي أجاز شهادتها منفردة.

2- لا خلاف بين فقهاء المسلمين على أن شهادة امرأتين مسلمتين عدل حرتين بدون يمين، أو رجل مسلم عدل لا تجوز على الأموال، وكذلك لا تقبل شهادة ثلاث نسوة فأكثر منفردات، عند جمهور فقهاء المسلمين، لأن شهادتهن لا تقبل بدون رجل مسلم عدل.

3- أما شهادة امرأتين مسلمتين عدل حرتين مع يمين المدعي على الأموال، ففيها خلاف على قولين:

الأول: لا تجوز، وهو قول الحنفية، وقول الشافعي، وجمهور الشافعية، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة، لأن البينة إذا خلت من رجل لم تقبل، وشهاده المرأتين ضعيفة تقوت بالرجل، واليمين ضعيفة فلا يضم ضعف إلى ضعف.

الثاني: تقبل إذا كان معهما يمين، وهو قول المالكية، وابن حزم، وهو الوجه الآخر عند الحنابلة؛ لأن المرأتين تحل محل رجل، واليمين يحل محل رجل، ولا يوجد مانع من ذلك.

 وبعد مناقشة القولين رجح القول الثاني؛ لأنه لا مانع من قبول شهادة المرأتين، ويمين المدعي، والآية لم تتعرض لليمين، وجاءت اليمين في السنة، فهي زيادة، والزيادة إضافة وتقرير، لا رافع لها فيعمل بها. 

الفصل الثاني: حكم شهادة النساء فيما سوى الأموال والعقوبات (كالأحوال الشخصية).

*المراد بهذه المسألة: حكم شهادة النساء في النكاح، والإيلاء، والظهار، والرجعة، والخلع، والطلاق، والنسب، والوكالة في غير المال مما يطلع عليه الرجال في الغالب.

* لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز شهادة الكافر والكافرة على المسلم والمسلمة في ذلك، ولا خلاف بينهم على جواز شهادة المسلم والمسلمة على الكافر والكافرة في ذلك.

* قسَّم المؤلف حكم شهادة النساء فيما سوى الأموال والعقوبات لحالتين:

الأولى: حكم شهادة النساء المسلمات العدل الحرات مع الرجال المسلمين العدل الأحرار في العقوبات والأموال، وفيها خلاف على قولين:

القول الأول: لا تقبل: وهو قول المالكية، والشافعية، والزهري، والنخعي، وأهل المدينة، وابن المسيب، والحسن البصري، وربيعة في الطلاق، وقول الحنابلة إلا النكاح والرجعة والعتق ففيها رويتان للإمام أحمد.

*ومن الأدلة التي استدلوا بها ومنها:

- قال الله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ والمقصود اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث.

- وقَول رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) وهذا نص في اشتراط الذكورة في الشهادة على النكاح، وقيس على النكاح ما في معناه مما ليس بمال.

-عَنِ الزُّهْرِيِّ رحمه الله، قَالَ: "مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ" وهذا نص في اشتراط الذكورة في ذلك.

- وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه "لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا الدماء".

 وذكر من الأدلة العقلية: عدم وجود دلالة توجب قبول شهادتهن في شيء من ذلك، ولأن كل ما لم يكن المقصود منه المال إذا لم يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد، فلا تقبل فيه مع الرجال.

القول الثاني: تجوز شهادة المرأة مع الرجال في ذلك، وهو قول أهل الظاهر، والحنفية إلا الردة، ورواية عند الحنابلة في النكاح، والرجعة، والعتق؛ لأنها لا تسقط بالشبهة فأشبهت المال؛ ولأن العبد المعتق مال.

ومن أدلة الحنفية: 

- عموم قوله تعالي (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وتشمل الشهادة على الأجل، وأن الأجل قد يوجد في أمور أخرى غير المال كالكفالة.

 ورد الجمهور: أن الشهادة على المال أصل والأجل تابع، وهذه يحضرها النساء، بخلاف الأمور الأخرى غير المال كالكفالة، فقياسها على النكاح مما لا يحضره النساء أولى.

-ومن أدلة الحنفية: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه "أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ". 

ورد الجمهور: أنه هذا الأثر منقطع وفي سنده راوٍ متروك.

-وذكر الحنفية آثارًا عن التابعين كعطاء بقبول شهادة النساء.

ورد الجمهور: أن هذه الآثار العمل بها يؤدي إلى ترك الحكم الثابت بالنص، وهذا لا يجوز.

- وذكر الحنفية آثار ًاعن الشعبي وشريح بقبول شهادة النساء في العتق.

- وذكروا أدلة عقلية بجواز شهادة النساء، باستثناء الشهادة على الردة.

 ورد الجمهور: أن العتق يتعلق بالمال، والذي يجعله يستثن الردة، فيستثني كذلك الشهادة على غير المال، مما لا يحضره النساء كالنكاح والرجعة والعتق.

*وذكر المؤلف أدلة ابن حزم على جواز شهادة المرأة مع الرجال في ذلك:

-منها أدلة عامة كقوله صلى الله عليه وسلم للأشعث "شهودك" وقوله صلى الله عليه وسلم لرجل من حضرموت "ألك بينة".

- وذهب ابن حزم لقبول شهادة النساء، منفردات ومجتمعات مع الرجال في كل شيء، وأن شهادة النساء على النصف من شهادة الرجل.

وأجاب عن ذلك بما يلي: 

أن قوله تعالي: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ هم الرجال المسلمون العدل، ومعلوم أن الخطاب للرجال لا يعم النساء دائمًا إذا وجدت قرينة على التخصيص.

-والآثار التي ذكرها ابن حزم في الأموال عامة، ولو كان الأمر كما قالوا لجاز إثبات الزنا بثماني نسوة، ولم يقل بذلك إلا أهل الظاهر، وهو مخالف لنص القرآن ﴿فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ﴾.

*ورجح الكاتب: قول الذين يقولون بعدم قبول شهادة النساء مع الرجال فيما سوى العقوبات والأموال مما لا يحضرها النساء، ومن باب أولي عدم قبول شهادة النساء منفردات في ذلك.

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم