قراءة في كتاب/ تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية.
قرأه: محمود الشرقاوي.
المؤلف: أ.د/ عبد الناصر توفيق العطار، أستاذ القانون المدني، وعميد كلية الحقوق بأسيوط.
أهمية الكتاب: فقد طرأت عدت عوامل دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية جعلت من تعدد الزوجات قضية عامة احتدم حولها الجدل، ولكل قضية أنصار وخصوم، وهذه القضية التي نتناولها تتعلق بحقوق المرأة.
عرض الكتاب:
مقدمة:
* فشل الاقتصار على الزواج الفردي: إن من حق كل فتاة أن يكون لها زوج، ومن تأمل المجتمعات التي تأخذ بنظام الزواج الفردي وعدم التعدد تحرم كثير من النساء من الزواج، وبالتالي تكون فريسة للشيطان والذئاب البشرية، والدستور في كل بلد يجب أن يكفل حق كل امرأة في الزواج، وإن كان تعدد الزوجات حق للرجال فهو كذلك حق لمجموع النساء يجب أن يناضلن من أجله حتى يكون لكل امرأة زوج.
* ينظر خصوم تعدد الزوجات على أنه نظام بدائي وانحطاط لرقي المرأة، والحقيقة لا يوجد ارتباط بين تعدد الزوجات ورقي المجتمع أو تحضره.
*وينظر الخصوم للتعدد على أنه مناف لحرية المرأة في حين يرى أنصار تعدد الزوجات أنه أحد وسائل تحرير المرأة من الكآبة والمهانة والابتذال.
*والتعدد قد يكون فيه آلام للزوجة الأولى وآمال للزوجة الثانية؛ لذلك ينبغي لواضعي القانون ألا ينظرون بناحية العاطفة، بل ينظروا لمجمل المجتمع ككل واحتياج الرجل كذلك، فهذه القضية قضية دينية اجتماعية.
* إن كانت المرأة المتزوجة مهددة من المرأة الأخرى بالتعدد؛ فهي مهددة بأمر أبشع وهو الطلاق من أجل زوجها تزوج عليها كما عند النصارى، والمحاكم المصرية تطفح بقضايا الطلاق عند النصارى بسبب عدم التعدد.
* ينظر الخصوم لمنع تعدد الزوجات على أنه مساواة بين الرجل والمرأة، فكما لا يحق لها تعدد الأزواج كذلك هو لا يعدد الزوجات.
ويرى أنصار تعدد الزوجات أن المساواة يتعين الأخذ بها فيما يصلح له كل من المرأة والرجل، أما إذا كان هناك اختلاف بين المرأة والرجل في صلاحيات كل منهما فمن الظلم المساواة بين الرجل والمرأة في هذا النطاق، فالمرأة لها رحم معد للإنجاب يبقى فيه ماء الرجل، بخلاف الرجل، فلو حدث تعدد الأزواج للمرأة لأخطلت الأنساب، فالرجل الذي يعدد عنده عدت زوجات فالأولاد من هذه الزوجات من نطفته ودمه، فيُسأل عن رعايتهم اجتماعياً وقانونياً ودينياً.
*الدستور والقانون الذي يمنع تعدد الزوجات من باب الحرص على مصلحة الأسرة الواحدة سوف يؤدي إلى وجود مشكلات أكبر لا يستطيع الدستور حلها؛ ككثرة الزني والزواج العرفي، وكثرة الطلاق، وفساد المجتمع، ويرى أنصار التعدد أن التعدد مساواة بين النساء في حق الزواج.
الفصل الأول: أسباب تعدد الزوجات:
*لا يرى خصوم التعدد مبررًا يدعو الرجل للتعدد، بل هو عندهم دلالة على فساد أخلاق الرجل واختلال حواسه وشره في طلب اللذائذ.
*ويرى أنصار تعدد الزوجات أن المرأة هي وراء الدافع للتعدد، سواءً الزوجة الجديدة وهي الطالبة من الرجل أن يتزوجها كزوجة ثانية.
أو الزوجة السابقة قد تكون مريضة، أو لا تنجب، أو لا تستطيع أن تكفي الرجل في الفراش، أو لنشوزها، أو قد يكون حدث طلاق ثم تزوج الرجل بامرأة أخري ثم بعد فترة أراد أن يرجع للأولى، فهل يطلق الثانية؟ أم يترك الأولى تعيش بلا زوج مدى الحياة؟ أم يجمع بين الأولى والثانية ويحافظ عليهما؟
وقد تكون قريبة له أرملة أو عانسًا أراد أن يكفلها فالمثل العليا تفرض على زوج هذه المرأة ألا يتخلى عنها ويزيد آلامها بطلاق، بل يتزوج عليها مع المحافظة عليها وهذه مصلحة كبري للزوجة الأولى والثانية، وللزوج.
وذكر المؤلف إحصائية في كثرة عدد الأرامل والعوانس.
*أيهما أفضل: التعدد أم تعيش المرأة كراهبة بلا زواج؟ أم ينتشر ما يسمى بشيوعية الجنس والعشيقات والخليلات في الحرام، وكثرة الأطفال غير الشرعيين؟ وللأسف يريد القانون تحريم تعدد الزوجات ولا يعاقب على الفجور والدعارة.
* ونقل المؤلف عدة أقوال عن أهمية التعدد منها.
الفصل الثاني: مشكلات حول تعدد الزوجات:
*منها النزاع بين الضرائر والغيرة بين الضرائر،
وأجاب عن ذلك أن مثل ذلك يحدث بين المرأة وأم زوجها، فهذه المشاكل تعالج وليست سببً لرد تعدد الزوجات.
*ومنها النزاع بين أولاد الضرائر.
والإجابة: أن هذا أيضا يحدث بين الأخوة الاشقاء.
*ومنها المشكلة الاقتصادية في الإنفاق على الزوجة الجديدة.
وأجاب بأن نفس المشكلة للمرأة العانس، فمن ينفق عليها وأين تعيش؟
أما مسألة الإنفاق عموما فهو سوف يقلل من بعض الرفاهيات للزوجة الأولى لتعيش امرأة آخرى.
*ومنها مشكله كثرة تعدد السكان بسبب التعدد.
فرد على ذلك بذكر إحصائية في قرية فيها تعدد يقل فيها عدد السكان؛ لأنه في الغالب الزوجة الثانية تكون سنها أكبر من سن الإنجاب، أما إذا تزوجت صغيرة فيزداد الإنجاب أكثر.
الفصل الثالث: القرآن الكريم وتعدد الزوجات:
* الزواج الفردي جائز فآدم تزوج بحواء فقط، وقال خصوم التعدد أن الرجل لوكان في حاجة إلى أكثر من امرأة لخلق الله لآدم أكثر من حواء.
فرد على ذلك بأنه لم يكن يوجد في الأصل إلا حواء فقط مع آدم، ووجد عدد من الزوجات لبعض الأنبياء كإبراهيم، ويعقوب، وداود، وسليمان، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
*والقرآن الكريم لم يأمر بالتعدد ولكن القرآن ذكر أنه مباح، ولكن القرآن قيده بأربعة، ونقل المؤلف تفسير قوله تعالي (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) وقوله تعالي (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ) وقوله تعالى (مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) وما يؤيد ذلك من السُنة.
*وذكر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأسباب زواجه من كل امرأة، وأنه صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في تعاليم الإسلام لمقاصد ونظم الزواج.
*وذكر مشكلة حول تطبيق التعدد بين الزوجات وهي عدم العدل بين الزوجات، فذكر علاج ذلك من خلال سورة النساء، ففيها الحث على العدل بين الزوجات، وإن حدث تجاوز من الرجل أو المرأة في صورة نشوز أحدهما كيف يكون الحل من خلال آيات سورة النساء، وذكر معيار العدل المطلوب في الآية (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ).
*وذكر قوله تعالى (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) ووضح معنى ملك اليمين، وأنه كان موجودًا قبل الإسلام.
* وذكر قوله تعالي (ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا) ورجح اشتراط القدرة على الانفاق، وقد اشترط بعض الفقهاء وجود المال معه، فإن من لم يستطع وتزوج فالزواج صحيح مع الإثم.
ونقض ذلك بقوله: إن هذا القول يجعل التعدد أو الزواج الأول خاصًّا بالأغنياء دون الفقراء، وهذا لا يشترط لا ديناً ولا قانوناً، ووضح أن القدرة على الباءة هي القدرة على أعباء الزواج والبحث عن الرزق.
الفصل الرابع: القيود الشرعية لتعدد الزوجات:
* ذكر منها الحد الاقصى لتعدد الزوجات، وهو ألا يزيد عن أربعة، وذكر حكم من خالف وزاد عن الأربع سواءً كان يعلم حرمة الزيادة على أربع أو لا يعلم.
*ومن القيود تحريم الجمع بين المحارم بين الاختين، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، والعلة في ذلك المنع من قطيعة الرحم، وذكر حكم من خالف وجمع بين المحارم في ذلك.
*ومن القيود العدل بين الزوجات، وقضية المساواة في النفقة، وأن لكل واحدة سكنًا مستقلًّا، والمساواة في المبيت، وذكر حكم من أرادت إسقاط حقها في المبيت، وهذا القَسم في المبيت يسقط بالسفر أو نشوز المرأة، وفصَّل في هذ المسائل تفصيلًا مهما.
*وذكر عدم جواز دفع الزوجة مالًا للزوج ليزيد عدد أيام المبيت لها، لأنه يأخذ حكم الرشوة في أخذ حق الغير، أما لو دفعت لضرتها المال لتترك لها أيام نوبتها في المبيت ففيه خلاف، فمن منع من الفقهاء جعله بيعًا ولا يصح بيع النوبة، ومن أجازه وصفه أنه صلح يجوز فيه دفع مال.
*وذكر جزاء إخلال الزوج بالعدل بين الزوجات، وإن وقع على إحداهن ضرر فلها طلب الطلاق للضرر.
*وذكر حكم الزوجة إن اشترطت عدم الزواج عليها، فرجح أنه بالإجماع لا يمنعه هذا الشرط من التعدد، ولكن يستحب للزوج الوفاء بالشرط.
واختلف الفقهاء إن تزوج عليها لها حق الفسخ أم لا، ورجح أنه ليس لها حق الفسخ، أما اشتراطها طلاق الأولى لا يجوز.
الفصل الخامس: القيود الوضعية لتعدد الزوجات:
* ذكر أن أصحاب القوانين الوضعية الذين يحرمون تعدد زوجات اعتمدوا على كلام الشيخ محمد عبده في تقييد تعدد الزوجات في العصر الحديث، فنقل قول الشيخ محمد عبده ووجه قوله بأن الشيخ محمد عبده في الأصل لم يحرم تعدد الزوجات، وكلامه لا يدل على بطلان تعدد الزوجات.
*وذكر قانون منع القضاء من سماع الدعوة من الزوجة ضد الزوج إذا تم الزواج الجديد بغير إذن القاضي، ومضمونها حمل الناس على استئذان القضاء عند التعدد.
وقال أخرون القاضي هو الذي يحدد السماح أو المنع من التعدد، وأصدروا بيان بذلك، فذكر أن جبهة الأزهر الشريف ردت على هذا البيان بقانون 78 سنه 1930 بأن مخترع هذا القانون تَقوَل في دين الله بغير علم.
وناقش هذا القانون ورد على حجج هذا القانون بالتفصيل بأنه يؤدي لتحريم ما أحل الله ويؤدي لزيادة الطلاق، والزواج العرفي، أو فضح الزوجة الأولى بما فيها ليسمح له القاضي بالتعدد، أو تكليف الزوجة الجديدة بتقديم مبرر أنها تريد أن تكون زوجة ثانية، وهذا امتهان لها.
*ورد على من قال التعدد مشروط عند القاضي بالقدرة على الإنفاق والعدل بين الزوجات، فقال: هذا الشرط في الشريعة بين العبد وربه تديناً، ولا يستوجب أن يكون شرط قضائياً، فكم من فقير أغتنى والعكس، وكم من غليظ الطبع أصبح ليناً بعد التعدد والعكس، وهذه الأمور منوطة بالإصلاح الديني والخلقي لا القضائي، وتكليف القضاء بالإشراف على هذه الشروط يخالف طبيعة عمل القضاء، فهل يستطيع القاضي معرفة ما في المستقبل؟ فإنها معايير تضطرب
*ونقل من كتاب المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية (ص404) أن مجمع البحوث الإسلامية في مصر يرفض تقيد تعدد الزوجات بإذن القاضي.
*وذكر أنه في سبيل تحريم تعدد زوجات لجأت بعض السلطات إلى حرمان من عدد زوجاته من بعض الحقوق والمزايا؛ كمنعه من الإقامة في المدن، وفرض ضريبة إضافية عليه، أو إلزام الزوج ببيان أسماء زوجاته ومحل إقامتهن عند زواجه عليهن، وعلى المأذون بإخطارهن بزواجه الجديد لتتمكن من طلب الطلاق.
* وخصوم التعدد يعتبرون زواج الرجل على زوجته دون علمها غش وخداع وخيانة، وهذا التوصيف غير صحيح شرعاً.
*قال وابتدع واضع القانون المصري نوعاً جديداً من التطليق للضرر، وهو التطليق لمجرد تعدد الزوجات، وناقش هذا القانون بأنه مخالف للشريعة الإسلامية بخلاف لو عدد الزوج ثم ظلم إحداهن؛ فلها أن ترفع دعوة للقضاء، والقاضي عليه أن يتدخل بالإصلاح أولاً ويأمر الزوج بالعدل، فإن لم يعدل فللقاضي حق الطلاق للضرر.
*والدوران حول ألام الزوجة بالتعدد لمنعه تحايل لإيقاف العمل بالشريعة، وذكر عدة أحاديث تدلل على أن الزواج سنة وكذلك التعدد.
*ورد على شبهات حديث منع النبي صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من زواج بنت أبي جهل، فذكر روايات الحديث وفي إحدى الروايات قوله صلى الله عليه وسلم "إني لا أحل حراماً ولا أحرم حلالاً، ولكن لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله" دلالة على أن النبي صلى الله وسلم لم يحرم التعدد.
*والبخاري استنبط من الحديث أن لفاطمة حق الخلع، وهو المراد من قوله صلى الله وسلم "إلا أن يطلق ابن أبي طالب ابنتي" فامتنع على رضي الله عنه طلاق فاطمة.
*ورد على من قال إن الصحابة عددوا الزوجات بحكم البيئة والعصر الذي كانوا يعيشون فيهما، بل إن الظروف الاجتماعية الحالية أولى بالتعدد بسبب زيادة عدد الأرامل والعوانس والمطلقات، حتى لا يعشن حياة الرهبنة، أو تصاب بألآم نفسية، أو فتح مجال للخليلات، أو اللجوء للزواج العرفي الذي يضيع حقها كزوجة،
* أما مشاكل التعدد يمكن علاجها بالتربية الدينية والأخلاقية.
*وحذر من القانون الذي يحرم التعدد، أو بطلاق الزوجة الأولى في حال التعدد عليها؛ كأنه يجعل الطلاق بيد الزوجة، وحذر من تصوير التعدد على غير حقيقته، فيكون من صور الافتراء على الله بغير العلم.
ثم ختم الكتاب بأن التعدد إعجاز تشريعي.