قراءة في كتاب: الورقات فيما يختلف فيه الرجال والنساء في أبواب من المعاملات.
قرأه/ أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم.
المؤلف: د/ أحمد بن عبد الله بن محمد العمري.
أهمية الكتاب: هو من جملة الأبحاث التي تتصدي لدعاوى تحرير المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في أبواب من المعاملات.
عرض الكتاب:
المقدمة فيها فضل الفقه في دين الله إذا خلصت النية لله رب العالمين، وأن دعاة تحرير المرأة يسعون إلى بث دعاواهم بأساليب براقة يتظاهرون من خلالها بالمطالبة بحقوق المرأة وتحريرها من ظلم الرجل- زعموا- إلى غير ذلك من الدعاوى التي لا يُراد بها إلا تحرير المرأة من قيم الدين والكرامة والطهر والعفاف، وقد أُشْرِبَ ذلك كثير من الناس الذين تحقق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم.." لذلك فإن التصدي لهذه الدعاوى بالردود العقدية والفكرية والفقهية يكون من فروض الكفايات.
الفصل الأول: الحجر: وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: علامات البلوغ التي يختلف فيها الذكور والإناث.
وفيه علامات البلوغ التي تتفق في الذكر والأنثى، وعلامات البلوغ التي تختص بها المرأة وتختلف بها عن الرجل فهي:
1- الحيض. 2- الحمل.
المبحث الثاني: حكم دفع المال للشاب والجارية بعد البلوغ والرشد:
فقبل البلوغ يحجر على مال الصبي والجارية.
فإن كان المحجور عليه ذكراً فقد اتفق العلماء على أنه إذا بلغ رشيداً دُفع إليه المال وهذا مما لا خلاف فيه وعليه المذاهب الأربعة.
وأما إن كان المحجور عليه لصغره أنثى فقد اختلف أهل العلم في وقت رفع الحجر عنها على أقوال ثلاثة:
1- جمهور العلماء قالوا يرتفع الحجر عنها ببلوغها رشيدة كالذكر تماماً.
2- قال الإمام مالك أنه لا يرفع الحجر عن الجارية حتى تبلغ رشيدة ويدخل بها زوجها ويشهد العدول على صلاحها.
3- رواية لأحمد قال لا يُرفع الحجر عنها إلا ببلوغها رشيدة وبشرط أن تتزوج وتلد أو تقيم في بيت زوجها سنة.
ورجح الكاتب القول الأول.
المبحث الثالث: حكم تصرف كل من الزوجين في ماله دون إذن الآخر:
فأما بالنسبة للرجل فلم يقل أحداً من العلماء بأن الزوجة لها الحق في منع زوجها من التصرف في ماله الخاص وليس لها إلا النفقة الواجبة عليه لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}
وأما المرأة فإن العلماء اختلفوا في حكم تصرفها في مالها دون إذن زوجها على قولين:
الأول: يجوز للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة دون إذن الزوج.
وهذا قول جماهير العلماء وذكر أدلة ذلك منها "أن أسماء باعت جارية لها قالت: فدخل عليَّ الزبير وثمنها في حجري فقال: هبيها لي قالت: إني قد تصدقت بها" رواه مسلم
الثاني: ليس للمرأة الرشيدة التصرف المطلق في مالها.
ثم اختلف أصحاب هذا القول فقال مالك وأحمد في رواية ليس لها التصرف فيما زاد على الثلث من مالها بدون عوض كالهبة والعتق إلا بإذن زوجها، وقال طاووس ليس لها التصرف في شيء من مالها مطلقاً، وعن الليث لا يجوز إلا في الشيء التافه. وذكر أدلة ذلك منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها"
ورجح الكاتب القول الأول لأمور، منها:
1- قوة ما استدلوا به من الآيات والأحاديث 2- أن الأصل جواز تصرف الإنسان في ماله ما لم يمنع من ذلك دليل.
3- أنه لم يختلف العلماء في جواز تصرف المرأة في مالها إذا لم تكن ذات زوج، ولم تكن سفيهة وكذلك إن كانت ذات زوج
4- أن أدلة المانعين للمرأة من التصرف في مالها فيها نظر، فلعل ضعفها أصح، أو لعلها منسوخة كما قال ابن حزم إذ أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالصدقة كان في آخر حياته، أو لعلها تُحمل على أنها لا تتصدق من ماله إلا بإذنه أو لعل الأمر بالاستئذان فيها مبني على حسن العشرة كما ذكر الخطابي والله أعلم.
المبحث الرابع: حكم تصدق الرجل من مال زوجته وتصدقها من ماله:
أما حكم تصدق الرجل من مال زوجته: قال فإني لم أجد أحداً من أهل العلم نص على حكمه صراحة، إلا ابن حزم حيث قال: لا يجوز له أن يتصدق من مالها بشيء أصلاً إلا بإذنها، وعلة عدم النص على حكمه أنه من المسلمات التي لم يُختلف في حكمها
أما حكم تصدق المرأة من مال زوجها ففيه خلاف على قولين:
الأول: يجوز لها أن تتصدق من مال زوجها باليسير وذكر أدلة ذلك منها عن عائشة رضي الله قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة، لها أجرها وله مثله، له بما اكتسب، ولها بما أنفقت" متفق عليه
الثاني: لا يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بشيء إلا بإذنه، والعمل على هذا عند عامة أهل العلم قال النووي لكنه قال: والإذن ضربان: أحدهما، الإذن الصريح في النفقة والصدقة، والثاني الإذن المفهوم من اطراد العرف
وذكر أدلة ذلك منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها" قيل: يا رسول الله ولا الطعام قال: "ذلك أفضل أموالنا" حسنه ابن حجر والألباني.
محل النزاع: فإن أذن لها الزوج فلا خلاف هنا في الجواز. وإن نهاها فلا خلاف أيضاً في التحريم.
وأما إن لم يأذن لها صراحة ولم ينهها ولم تعرف من طبعه موافقته لها على الصدقة أو مخالفته فهنا محل النزاع وعلى هذا تُنَزَّل الأدلة.
ورجح الكاتب أنه يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها بالشيء اليسير غير مفسدة.
المبحث الخامس: حكم ولاية الأب والأم على مال الصبي.
فأما الأب فإن أهل العلم لم يختلفوا في أنه أولى الأولياء بالنظر في مال ابنه المحجور عليه "لأن ذلك مبني على الشفقة وشفقة الأب فوق شفقة الكل".
وأما الأم ففي حكم ولايتها على مال الصبي خلاف بين أهل العلم على قولين:
الأول: لجماهير العلماء يرون أن الأم ليس لها ولاية على مال الصبي إلا بالإيصاء عند بعضهم
الثاني: يقول أصحابه إن للأم ولاية على مال الصبي، وهو قول الاصطخري من الشافعية وبعض الحنابلة.
ورجح الكاتب أنه لا ولاية للأم على مال ابنها الصغير إلا أن يوصي إليها ولي الصغير بذلك كما فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه "أوصى بالنظر في الوقف الذي أوقفه بخيبر إلى ابنته حفصة ثم إلى الأكابر من آل عمر" أو يحكم بولايتها حاكم وبهذا يتضح الفرق بين الأب والأم في الولاية على مال الصبي فالولاية ثابتة للأب بلا خلاف دون الأم.
الفصل الثاني: الغصب والهبة والوصية
المبحث الأول: حكم قبول الوالد والوالدة الهبة للصبي:
الهبة من العقود التي تحتاج إلى إيجاب وقبول.
لم يختلف أهل العلم في جواز قبول الأب إن كان حياً أميناً الهبة للولد ولا حق للأم في قبول الهبة للولد مع وجود أبيه وعليه المذاهب الأربعة، أما مع عدم وجود الأب والجد ففيه قولان:
الأول: أنه لا بأس أن تقبل الأم الهبة لطفلها عند الجمهور
الثاني: لا يصح وهو الأصح عند الشافعية للحديث "السلطان ولي من لا ولي له".
ورجح الكاتب أنه في حال عدم وجود الولي والسلطان أهمل اليتيم ولم يجعله في ولاية رجل من المسلمين وبقي الطفل مع أمه وهو محتاج للمال فإنه لا مانع من أن تقبل له الأم الهبة لعدم من يقوم بذلك.
المبحث الثاني: حكم رجوع الوالد في هبته لولده ورجوع الوالدة.
المطلب الأول: حكم رجوع الوالد في هبته لولده على قولين:
الأول: يجوز للأب أن يرجع فيما وهب لولده وعليه الجمهور.
الثاني: لا يجوز للأب أن يرجع فيما وهب لولده قول الأحناف
ورجح الكاتب قول الجمهور بجواز رجوع الوالد في هبته لولده أصح.
المطلب الثاني: حكم رجوع الوالدة في هبتها لولدها على أقوال ثلاثة:
الأول: يجوز للأم أن ترجع في هبتها لولدها.
الثاني: ليس للأم أن ترجع في هبتها لولدها.
الثالث: يجوز للأم أن ترجع في هبتها لولدها بشرط أن يكون الولد كبيراً خرج عن حد اليتم
ورجح الكاتب أنه يجوز أن ترجع الأم في هبتها لولدها مطلقاً، وعلى هذا يتضح أنه لا فرق بين الوالد والوالدة في جواز الرجوع في الهبة للولد، والله أعلم.
المبحث الثالث: كيفية التسوية في العطايا والهبات بين البنين والبنات.
التسوية في العطية بين الأولاد مستحبة عند جمهور وواجبة عند أحمد، لكن إن قيل بالوجوب أو الاستحباب فكيفية التسوية بين البنين والبنات على قولين:
الأول: بأن لا يُفَضَّل ذكرٌ على أنثى، بل تُعطى الأُنثى مثل ما يعطي الذكر.
الثاني: التسوية بينهما على حسب قسمة الله تعالى الميراث فَيُجْعل للذكر مثل حظ الأُنثيين.
ورجح الكاتب قول الجمهور، فتكون التسوية بين الأولاد ذكوراً وإناثاً متعينة بأن لا يُفضّل ذكر على أنثي
المبحث الرابع: حكم رجوع الزوج في هبته لزوجته ورجوعها في هبتها له:
إذا وهب الرجل زوجته هبة فإنه لا يجوز له أن يرجع في هبته لها هذا ما اتفق عليه أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة.
أما حكم رجوع الزوجة في الهبة إذا وهبت زوجها ففيه خلافٌ لأهل العلم على أقوال ثلاثة:
الأول: لا رجوع للزوجة إذا وهبت زوجها كما إذا وهبها.
الثاني: يجوز للزوجة إذا وهبت زوجها شيئاً أن ترجع فيه مطلقاً.
الثالث: إذا لم تطب نفسها بالهبة فلها الرجوع إذا خدعها.
ورجح الكاتب القول الثالث، ووضح أنه لا يجوز للزوج أن يرجع في هبته لزوجته بخلاف الزوجة ففي رجوعها تفصيل
المبحث الخامس: حكم الوصية إلى الرجل والمرأة.
فرق بعض أهل العلم بين حكم الوصية إلى الرجل والمرأة .
فأما للرجل فأجمعوا على صحتها وأما الوصية إلى المرأة: فذهب جماهير أهل العلم إلى صحتها وعليه الأئمة الأربعة وذهب عطاء إلى عدم صحة الوصية إليها.
ورجح الكاتب قول الجمهور، فلا فرق بين الرجل والمرأة في جواز الوصية إلى كل منهما إذا تحققت باقي الشروط اللازمة للموصي إليه، والله أعلم.
والحمد لله أولا وآخرا.