الصوفية رؤية من الداخل (31) أثر الفكر الشيعي في الصُّوفيَّة
كتبه / إمام
خليفه
الحمد لله
وكفى , وسلام على عباده الذين اصطفى لا سيما
عبده المصطفى , وآله المستكملين الشرفا,
وبعد..
سوف نكمل الكلام اليوم بإذن الله تعالى عن
: أثر الديانات والمذاهب الأخرى في
الصُّوفيَّة ونتكلم ثالثاً : عن أثر
الفكر الشيعي في الصُّوفيَّة:-
الجزء الأول:-
أثر الفكر الشيعي في
الصُّوفيَّة:
لاشك أنَّ التشيع الذي غرز بذرته الأولى
هم اليهود، بواسطة ابنهم البار عبد الله بن سبأ، المتزيّ بزيّ الإسلام، واللابس
ثوبه ولباسه، تقية وخداعا والذي كان همه الأوَّل هو تقويض دعائم الإسلام، وفناء
دولته، وترويج عقائد اليهودية بين المسلمين، وإيجاد الفرقة والاختلاف بينهم،
فاجتمع حوله وتحت لواء التشيع كثر من أبناء اليهودية البغيضة، والفرس المهزومين،
والكارهين للعرب، وروّجوا بين المسلمين أفكارا يهودية ومجوسية ونصرانية، وعقائد
مدخولة مدسوسة، نقمة على الإسلام والمسلمين، كالحلول والاتحاد وإجراء النبوة بعد
خاتم النبيين محمد صلى الله
عليه وسلم، ونزول الوحي وإتيان الملائكة، وحصول
العصمة، ووجود شخص في كل عصر وزمان به قيام الأرض وثباتها، وعقيدة الوصاية
والولاية، والتأويل، وانقسام العلم إلى الظاهر والباطن، وتقسيم الناس إلى العامة
والخاصة، وتعطيل الشريعة ومسخها، ورفع التكليف وغير ذلك من الخرافات والترهات مما
لا علاقة لها بالإسلام، قريبة ولا بعيدة، ولم يقصد من بثّها ودسها إِلَّا ضرب
الإسلام ومحوه من الوجود وتفريق كلمته، وتشتيت قوته، وخرق هيبته.
فأدى التشيع في سبيل ذلك خدمات جليلة،
فولدت الفرق، ونشأت الطوائف العديدة وبرزت الآراء الجديدة، وراجت بين المسلمين
مذاهب لم تكن موجودة ولا معروفة من قبل، وكثير من المذاهب المنحرفة والعقائد
الزائفة غذّيت من قبل التشيع، ونمّيت وربّيت، وأمدّت ودعّمت، وبعد حين صار هذا
الزيغ والضلال من لوازم تلك النحلة، وتأثر الصُّوفيَّة بهذا الانحراف تأثرًا
كبيرًا مثل ظهور الأوراد والموالد وظهور الفرق إلخ.
1- ومما يدل على تأثر التَّصَوُّف بالتشيع أن هؤلاء
الثلاثة(هاشم، عبدك، جابر بن حيان) ممن قيل إنهم أول من أطلق عليهم لفظ
الصُّوفيَّة كلهم كانوا من موطن الشيعة آنذاك. وهم أبوحيان، وعبدك، وأبوهاشم
الكوفي. فأبو هاشم الكوفي الذي فصلنا فيه القول -فيما مرَّ - لم يرم بالتشيع،
ولكنه كان من الكوفة الشيعية، ومتهمًا بالزندقة والدهرية.
2- ومما يدل على تأثر التَّصَوُّف بالتشيع أن سلاسل
التَّصَوُّف كلها ما عدا النادر القليل منها تنتهي إلى علي بن أبي طالب I دون سائر
أصحاب رسول الله H،
وفي طرق إسنادها إلى على أسماء أئمة الشيعة المعصومين حسب زعمهم من أولاد
علي I دون غيرهم، وأن رؤساء هذه الطرق يذكر لهم اتصال وثيق،
وصلات وطيدة مع أئمة القوم كما يذكر في تراجمهم وسيرهم وأحوالهم، كذلك أن الخرقة
الصُّوفيَّة لا يبدأ ذكرها أيضًا إِلَّا من علي I يقول ابن
خلدون في حديثه عن الصُّوفيَّة: إنهم لما أسندوا لباس خرقة التَّصَوُّف ليجعلوه
أصلاً لطريقتهم وتخيّلهم رفعوه إلى عليّ I، وعليI لم يختصّ
من بين الصحابة بتخلية ولا طريقة في اللباس ولا الحال، بل كان أبو بكر وعمر L أزهد
الناس بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأكثرهم
عبادة، ولم يختصّ أحد منهم في الدين بشيء يؤْثر عنه في الخصوص، بل كان الصحابة
كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة، يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة في أمر
الفاطمي وما شحنوا كتبهم في ذلك مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات،
وإنَّما هو مأخوذ من كلام الشيعة، والرافضة، ومذاهبهم في كتبهم والله يهدي إلى
الحق).
ويقول الطوسي أبو نصر السراج:
ولأمير المؤمنين علي I خصوصية من بين جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعانٍ جليلة، وإشارات لطيفة، وألفاظ مفردة، وعبارة
وبيان للتوحيد والمعرفة والإيمان والعلم، وغير ذلك، وخصال شريفة تعلق وتخلق به أهل
الحقائق من الصُّوفيَّة) فأول وليّ عند المتصوفة هو علي بن أبي طالب I، ومنه
انتقلت الولاية إلى غيره من الأولياء، كما أنه أول إمام عند الشيعة، وتسلسلت منه
فورثها غيره، وكذلك الفتوة والقطبية، وهو الذي ألبس خرقته الحسن البصري، وهذه الخرقة التي يلبسها المتصوفة خلفاءهم وورثتهم.
ويقول جلال الدين الرومي الصوفي الفارسي
المشهور في أبياته ما تدلّ على رؤيتهم إلى علي وعقيدتهم فيه، فيقول:
منذ كانت صورة تركيب العالم.. كان عليّ
منذ نقشت الأرض وكان الزمان.. كان عليّ
ذلك الفاتح الذي انتزع باب خيبر بحملة
واحدة.. كان عليّ
كلما تأملت في الآفاق ونظرت
أيقنت بأنَّه في الموجودات.. كان عليّ
إن من كان هو الوجود، ولولاه
لسرى العدم في العالم الموجود (إياه)..
كان عليّ
إن سر العالمين الظاهر والباطن
الذي بدا في شمس تبريز.. كان عليّ.
3- ومما يدل على تأثر التَّصَوُّف بالتشيع أنهم أخذوا من
الشيعة رفع الأئمة عن مقام النبوة. كان البسطامي يقول: لوائي أفضل من لواء
محمد H.
4- وقالت الصُّوفيَّة بالقطب والأبدال، وهذا من أثر
الإسماعيلية والشيعة. وعوامل نشأة الفرقتين، وطبيعة كل منها توجب أن يكون التشيع
والتصوف في دائرة واحدة، وهذا نتيجة لرفع مقام أئمتهم كما تفعل الشيعة تمامًا
بتمام، وكذلك أخذ الصُّوفيَّة مسألة عصمة الولي من الشيعة الذين يقولون بعصمة
الأئمة.
يقول القشيري: واعلم أَن أجل الكرامات
الَّتِي تكون للأولياء: دوام التوفيق للطاعات، والعصمة عَنِ المعاصي والمخالفات.
الصُّوفيَّة وعبادة القبور وبناء المشاهد عليها:
عندما بدأت المحدَثات تدب في حياة المسلمين، ظهرت بدعة التشيع التي
هي مفتاح باب الشرك، ثُمَّ لما تمكنت الزنادقة من بلاد المسلمين كما حدث إبان الدولة الفاطمية وغيرها أمروا ببناء المشاهد
وتعطيل المساجد.
ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب
والافتراءات، وكذبوا على النَّبِي Hوأهل
بيته أكاذيب بدَّلوا بها دينه، وغيَّروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي
للتوحيد، فصاروا جامعين بين الشرك والكذب<.
ومن الموافقات الغريبة أن كل زعماء الطرق
الصُّوفيَّة يتوارثون زعامة الطريقة كالإمامة عند الشيعة، وإذا كانت المشيخة هي
محصول المجاهدة والسلوك فهل ولد الشيخ يجب أن يكون شيخًا؟ وكلهم يزعم الانتساب لآل
البيت، فالشيخ عبد القادر الجيلاني كما يقولون يرجع نسبه إلى آل البيت وكذلك الشيخ
أحمد الرفاعي، والبدوي، وأبو الحسن الشاذلي، والسنوسي، والمهدي، وكل زعماء الطرق
حتى في البلاد الأعجمية مثل محمد نور بخش، وخواجه إسحق، وباليم سلطان.
إلى هنا
ينتهي حديثنا حول الجزء الاول من أثر الفكر الشيعي
في الصُّوفيَّة ونكمل
حديثنا في المرة القادمة حول الجزء الثاني من أثر
الفكر الشيعي في الصُّوفيَّة (تقديس القبور وزيارة المشاهد ).