الصوفية رؤية من الداخل (30) أثر الفلسفة اليونانية على الصوفية
كتبه / إمام
خليفه
الحمد لله وكفى , وسلام
على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المصطفى ,
وآله المستكملين الشرفا, وبعد..
سوف نكمل الكلام اليوم بإذن الله تعالى عن : أثر
الديانات والمذاهب الأخرى في الصُّوفيَّة ونتكلم ثالثاً : عن أثر الفلسفة اليونانية
في الصُّوفيَّة:-
أثر الفلسفة اليونانية في
الصُّوفيَّة:
اليونان أمة مشركة لها مفاهيم وثنية
عديدة، غير أنهم اعتنوا بالفلسفة واشتهروا بها، وقد َسرت فلسفتهم إلى المسلمين حين
ترجمت كتبهم إلى العربية فعّم بسببها مفاهيم فلسفية وثنية مغايرة لدين الله المبني
على أساس متين من توحيد الله والانقياد لأمره.
ولم تكد تسلم فرقة من الفرق المبتدعة من
تأثرها بالفلسفة اليونانية، رغم تباين اتجاهاتها وقد استمد كثير من الصُّوفيَّة من
الفلسفة اليونانية النظرة إلى المعرفة حيث جعلوا للمعرفة منهجًا أساسه التأمل
والمجاهدة الروحية وغيرها من الطرق التي تنقل الصوفي في مدارج المعرفة حتى يصل إلى
اليقين ومشاهدة الحقائق على ما هي عليه والصُّوفيَّة بهذا يصدرون عن فكر أفلاطوني
ممتزج بالغنوصية القائمة على فكرة أن الروح كانت ضمن عالم الـمثل والحقائق المجردة، حيث الصلة المباشرة
مع مصدر المعرفة اليقينية ثم هبطت إلى العالم
المادي، وعليه فإن الروح قد هبطت في سّلم متدني الدرجات، فإنها قادرة على
العودة ثانية حيث كانت، وذلك في عملية تطهر تتخذ سلمًا عالي الدرجات، فإذا وصلت
أشرقت عليها أنوار لا طاقة للعقل أن يتعرف عليها بالاستدلال والحجة وليس للحس
أيضًا قدرة على الوصول إليها بالتجربة.
قال الجيلي في كتاب (الإنسان الكامل)
>ولقد اجتمعت بأفلاطون الذي يعدونه أهل الظاهر كافرًا وقد رأيته ملأ العالم
الغربي نورًا وبهجة ورأيت مكانة لم أرها إِلَّا لآحاد من الأولياء فقلت له: من
أنت؟ قال: قطب الزمان <.
وقال د. عبد الحليم محمود: الصُّوفيَّة جميعًا وفلاسفة
الإشراق منذ (فيثاغورس) و(أفلاطون) إلى يومنا هذا يعلنون منهجًا محددًا يقرونه
جميعًا ويثقون فيه ثقة تامة، وهو منهج معروف أقرته الأديان جميعها واصطفته مذاهب
الحكمة القديم منها والحديث.وقد سبق الى الإشارة إلى هذا الموضوع أثناء الحديث عن
التصوف الفلسفي .
وإلى هنا ينتهي حديثنا
حول أثر الفلسفة اليونانية في الصُّوفيَّة ونكمل
حديثنا في المرة القادمة حول أثر الفكر الشيعي في
الصُّوفيَّة.