الدعوة السلفية .. بين فهم الواقع .. والمشاركة السياسية

الدعوة السلفية .. بين فهم الواقع .. والمشاركة السياسية
الاثنين ٢١ فبراير ٢٠٢٢ - ١٢:٥٢ م
95

الدعوة السلفية .. بين فهم الواقع .. والمشاركة السياسية

كتبه/ وائل سرحان

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسوله.. وبعد ،،،                                            

قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه " تلقم عرى الإسلام حين يولد فيه من لا يعرف الجاهلية "

   فمنذ فجر الصراع الأول بين الحق والباطل ، ومكائد شياطين الإنس والجن بأهل الحق لا تخبو فضلا عن أن تموت ، وكثر عدد الهلكى والغرقى ما بين حر المكائد وباردها ، وكل يدعو غيره لحاله .

    لقد بدأت الدعوة السلفية بالإسكندرية في السبعينات من القرن الماضي بعد فترة فترت فيها دعوة السلف الصالح أهل السنة والجماعة بمصر ، وكانت تهم الانغلاق والتخلف وعدم فهم الواقع تُلصق بكل من أراد أن يرفع راية ذلك المنهج المبارك – على ندرتهم - أو حتى يشابههم في مظهرهم .

    بدأت الدعوة السلفية وسارت بهذا المنهج – منهج أهل السنة – وعملت على نشره حتى عرفه الصغير والكبير ، والرجل والمرأة ، والخاصة والعامة ، وحددت بناء على هذا المنهج رؤيتها السلفية للإصلاح ، كما أنشأت الدعوة السلفية تقعد وتبلور وتظهر منهج أهل السنة والجماعة في قضايا معاصرة كانت هذه القضايا سبب خلاف واسع بين أبناء الصحوة الإسلامية ، باركها الله وألهمها رشدها .

    وكان لعلماء الدعوة السلفية في هذه القضايا أو تلك المستجدات موقف واضح محدد منذ ميلاد فجرها وباكورة عملها ، موقف مبني على فهمهم لعلوم السلف ومنهجهم ، ونظر مستوعب لواقع المسلمين وحالهم ، وقراءة لتاريخهم القديم والحديث ، واستشراف للمستقبل القريب والبعيد ،.

    ولأن هذا الرأي أو تلك المواقف خالف فيها علماء الدعوة السلفية قطاعًا أو قطاعات كبيرة ممن نسب أو انتسب للصحوة الإسلامية وقتها فقد عورضوا في تلك المواقف - التي تبنتها الصحوة السلفية بعد ذلك - معارضة شديدة .

    وكان من هذه المواقف المبكرة موقفهم من المشاركة السياسية ودخول البرلمانات ، ولم يقتصر تناولهم لهذه القضية على الاعتراض المجرد ، إنما وضحوا الطريق الذي رأوه أنه الطريق الصحيح للإصلاح ولعودة الريادة للمسلمين ، كما كان هذا التناول مؤصلًا بناء على رؤية عقدية شرعية ، سنية سلفية ، ولم يكن مبنيا فقط على النظر في الواقع الحالي أو المستقبلي ، ولم تقتصر وسائلهم في بيان رأيهم على نشر الوعي عن طريق الخطب أو الدروس ، بل صدرت النشرات المكتوبة ، مثال ذلك ( نشرة "السبيل" ) الصادرة سنة 1986 م التي ربما كانت - حينها – هي الأوراق الوحيدة المكتوبة التي تناولت موقف الدعوة السلفية في تلك القضية وفق منهج أهل السنة.

   فظهرت - من حين أعلنت الدعوة موقفها - الدعوات التي تتهم الدعوة بالرغبة في السلامة لها أو لدعاتها أو تتهمها بالجبن ، أو السلبية ، أو البعد عن قضايا الأمة ، وعدم الاهتمام بأمور المسلمين ، رغم أن هذه الأشياء من صميم عقيدة التوحيد والولاء والبراء ، وقضية البرلمانات ذاتها تتصل بقضية التشريع لله عز وجل ، هذه القضايا التي ما زالت الدعوة السلفية تتمسك بها وتنافح من أجلها ، بل وتضطهد من أجل الثبات عليها ويختبر أعداؤها صبرها على الثبات عليها ، فما زالت الدعوة تأبى والحمد لله التمحور حولها ، أو التنازل عن ثوابتها .

     هذا في عصر أصبحت سمته التنازل عن الثوابت ، وأصبحت التنازلات أشبه بــ ( بموضة ) يبرهن أهلها بها على فقههم ، وحنكتهم الدعوية ، وسعة أفقهم ، وحداثة عقولهم ، وعصرانيتهم ، وعقليتهم الواعية التي تواكب التطورات والمستجدات العصرية ، سواء تدثروا باسم التقية ، أو شعار المحفاظة على مكاسب الدعوة ، أو بغرض الوصول إلى قطاعات حجبت عن أبناء الصحوة زمنا طويلا ودهرًا مديدًا ([1]).

    وهذه التهم أو المشاغبات لم يكن لها - بحمد الله - رصيد من الواقع أو الحقيقة ، فهذه المواد - بين مقروء ومسموع - بين يديك أيها الكريم المفضال شاهد صدق على ذلك ، وهي تبين لك المحجة أوضح البيان .

    ومن هنا يسر موقعكم "أنا السلفي" أن يقدم هذا الملف – المتجدد -  الذي يبين موقف الدعوة السلفية ، عبر ثلاثة عقود ممتدة ، فإنه لحقيق بالمتابعة ، وجدير بالفهم والمراجعة .

  ونحن إذ نقدم لكم هذه المواد نهيب بكم التواصل معنا بإضافاتكم ونصحكم وإكمالكم النقص ، وموقع أنا السلفي يرحب – بل يتمنى – بكل تواصل ونصح وتسديد من زوارنا الكرام ، ونأمل أن نقدم ما يسهم في نهضة أمتنا وأن نكون على آثار سلفنا الصالح سائرين مهتدين .

                           وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

--------------------------------------------------

( [1] )  ولو تفكروا قليلا في موقف النبي صلى الله عليه وسلم من مبدأ الالتقاء مع المخالفين في منتصف الطريق لعادوا إلى سابق عهدهم من التمسك بالمنهج السلفي صافيا دون مداهنات أو تنازلات ، وهذه سورة " الكافرون " تؤكد ذلك المعنى تأكيدا ،  فهي تؤكد على الثبات أمام المساومات ، وهي تنبهنا بوضوح إلى الحذر من مبدأ الإزاحة البطيئة عن الثوابت التي ينتهجها أعداء الله بصورها المختلفة  .

    وهنا نشير إلى أبناء الصحوة الكرام أن من معاني الهداية التي نبه عليها أهل العلم هداية الثبات على الطريق ( راجع المدارج ) ، ومن معاني القبض على الجمر هو القبض على الثوابت .

** كتب هذا المقال ما بين عامي (2009م - 2010م) كمقدمة لملف (الدعوة السلفية .. بين فهم الواقع .. والمشاركة السياسية) على موقع أنا السلفي .

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم