قراءة في كتاب: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان.
كتبه / محمود الشرقاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد...
المؤلف: بكر بن عبد الله أبو زيد (1946 - 5 فبراير 2008) نشأ نشأة كريمة في بيت صلاح وثراء وعراقة نسب وكان داعيًا، وخطيبًا وقاضيًا وباحثًا ومؤلفاً يمتاز بالدقة في البحث والجزالة في الأسلوب، مدرس بالمسجد النبوي الشريف وأحد كبار علماء الدين المعاصرين في المملكة العربية السعودية. تولى عضوية المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وعضوية مجلس القضاء السعودي، وعضوية هيئة كبار العلماء السعودية واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
مقدمة:
* بدأ المؤلف الطبعة الثانية لكتابه بهذه المقدمة قائلاً: فإن نازلة الدعوة إلى الخلط بين دين الإسلام وبين غيره من الأديان الباطلة كاليهودية، والنصرانية، التي تعقد لها أمم الكفر المؤتمرات المتتابعة باسم "التقريب بين الأديان" و"وحدة الأديان" و"التآخي بين الأديان "و"حوار الحضارات" هي أبشع دعائم "الكهفين المظلمين" و"النظام العالمي الجديد" و"العولمة"، الذين يهدفان إلى بث الكفر والإلحاد، ونشر الإباحية وطمس معالم الإسلام وتغيير الفطرة.
ولهذا أفردت هذا الكتاب لكشف مخاطر هذه النازلة بالمسلمين وبيان بطلانها، وتحذير المسلمين منها.
وقد نهينا عن هذه النظرية الإلحادية: "وحدة الأديان" في سورة فرضها الله على المسلمين" في جميع صلواتهم في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
*وذكر في مقدمة الطبعة الأولي التعوذ من طرق اليهود وعُبَّاد الصليب النصارى وعباد الأوثان والصابئة، وملاحدة الفلاسفة وذكر طرقهم إجمالاً.
*ذكر أن عند مواجهة علماء المسلمين موجات الإلحاد والزندقة والعلمنة والحداثة بدت محنة أخرى في ظاهرة هي أبشع الظواهر المعادية للإسلام والمسلمين لإفساد نزعة التدين بالإسلام وذلك فيما جَهَرَتْ به اليهود والنصارى، من الدعوة الجادة إلى:
" نظرية الخلط بين الإسلام وبين ما هم عليه من دين محرَّف منسوخ "
عرض الكتاب:
* من هنا اشتد السؤال، ووقع كثيرا من أهل الإسلام عن هذه: "النظرية" التي حلَّت بهم، ونزلت بساحتهم: ما الباعث لها؟ وما الغاية التي ترمي إليها؟ وما مدى مصداقية شعاراتها؟ وعن حكم الإسلام فيها، وحكم الاستجابة لها من المسلمين، وحكم من أجاب فيها، وحكم من دعا إليها، ومهد السبيل لتسليكها بين المسلمين، ونشرها في ديارهم، ونثر من أجلها وسائل التغريب، وأسباب التهويد، والتنصير، في صفوف المسلمين. حتى بلغت الحال ببعضهم إلى فكرة: "طبع القرآن الكريم، والتوراة والإنجيل" في غلاف واحد؟
وحتى بلغ الخلط والدمج مبلغه ببناء "مسجد، وكنيسة، ومعبد" في محل واحد، في: "رحاب الجامعات" و"المطارات" و"الساحات العامة"؟
فما جوابكم يا علماء الإسلام؟؟
* * *بين يدي الجواب: جعل الجواب عن هذا السؤال، مرتبا له في مقامات ثلاثة:
* المقام الأول: المسرد التاريخي لهذه النظرية، وتشخيص وقائعها، وخطواتها في الحاضر والعابر.
* المقام الثاني: في الجواب على سبيل الإجمال.
* المقام الثالث: في الجواب على طريقة النشر والتفصيل، بتشخيص الأصول العقدية الإسلامية التي ترفض هذه النظرية وتنابذها.
المقام الأول
المسرد التاريخي لهذه النظرية وتشخيص وقائعها.
وبتتبع مراحلها التاريخية، وجدتها قد مرت في حقب زمانية أربع هي:
1 - مرحلتها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا) وفي تفسير ابن جرير عند هذه الآية " عن مجاهد - رحمه الله تعالى - أنه قال: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} اليهودية والنصرانية بالإسلام ".
2 - مرحلة الدعوة إليها بعد انقراض القرون المفضلة: قالوا: أن الملل اليهودية، والنصرانية، والإسلام.
هي بمنزلة المذاهب الفقهية الأربعة عند المسلمين كل طريق منها يوصل إلى الله تعالى.
3 - مرحلة الدعوة إليها في النصف الأول من القرن الرابع عشر: تبنتها حركة " صن مون التوحيدية " وقبلها " الماسونية " وهي: منظمة يهودية للسيطرة على العالم، ونشر الإلحاد والإباحية، تحت غطاء الدعوة إلى وحدة الأديان الثلاثة، ونبذ التعصب بجامع الإيمان بالله، فكلهم مؤمنون.
وقد وقع في حبال دعوتهم: جمال الدين بن صَفدَر الأفغاني، ت سنة 1314 هـ بتركيا وتلميذه الشيخ محمد عبده بن حسن التركماني. ت سنة 1323 هـ بالإسكندرية، وأسسوا جمعيات لذلك
4- مرحلة الدعوة إليها في العصر الحاضر: وحتى عامنا هذا 1416هـ وفي ظل " النظام العالمي الجديد ": جهرت اليهود، والنصارى، بالدعوة إلى التجمع الديني بينهم، وبين المسلمين، وبعبارة: " التوحيد بين الموسوية، والعيساوية، والمحمدية " باسم:
" الدعوة إلى التقريب بين الأديان " و" الملة الإبراهيمية " فكرة طبع: " القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل " في غلاف واحد.
ثم دخلت هذه الدعوة في: " الحياة التعبدية العملية " إذ دعا " البابا " إلى إقامة صلاة مشتركة من ممثلي الأديان الثلاثة: الإسلاميين والكتابيين، وذلك بقرية: " أسِيس " في: " إيطاليا ". فأقيمت فيها بتاريخ: 27 / 10 / 1986 م.
آثار هذه النظرية على الإسلام والمسلمين: وذكر عدة آثار منها:
*كسر حاجز الهيبة من المسلمين من وجه، وكسر حاجز النفرة من الكافرين من وجه آخر.
* ومن آثارها: أن قدم: " البابا " نفسه إلى العالم، بأنه القائد الروحي للأديان جميعا.
وأنه حامل رسالة " السلام العالمي " للبشرية.
المقام الثاني في الجواب على سبيل الإجمال:
الجمع بين الإسلام مع ما عليه اليهود والنصارى من دين دائر كل منهما بين النسخ والتحريف، فهي في حكم الإسلام: دعوة بدعية، ضالة كفرية، ودعوة إلى ردة شاملة عن الإسلام؛ لأنها تصطدم مع بديهيات الاعتقاد، وتنتهك حرمة الرسل والرسالات، وتبطل صدق القرآن، وتبطل ختم النبوة والرسالة بمحمد عليه الصلاة والسلام فهي نظرية مرفوضة شرعا، محرمة قطعا.
ثم ذكر عدة أهداف لهذه الدعوة الباطلة
المقام الثالث: في الجواب مفصلا:
ذكر الجواب من خلال عدة الأصول، والمسلمات العقدية منها:
*الأصل العام: دين الأنبياء واحد، وشرائعهم متعددة، والكل من عند الله تعالى فنعتقد أن أصل الدين واحد وهذا الدين " دين الإسلام " أي باعتبار وحدته العامة، وإنما تنوعت الشرائع.
وتنوع الشرائع في الناسخ والمنسوخ من المشروع، فكما أن دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو دين واحد، مع أنه قد كان في وقت يجب استقبال بيِت المقدس في الصلاة، وبعد ذلك يجب استقبال الكعبة، وحالياً لا يصح استقبال بيِت المقدس في الصلاة فكذلك من لم يدخل في شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد النسخ لم يكن مسلمًا لأنها ناسخة لجميع الشرائع قبله.
وإن قال اليهود والنصارى أنهم على ملة إبراهيم فالله كذبهم (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
ونكر نواقض الإيمان عند اليهود والنصارى في ذلك:
*الإيمان بالله تعالى: الأصل في بني آدم هو: " التوحيد " فذكر الأنبياء ودعوتهم للتوحيد بعد وقوع الشرك من أقوامهم ثم ختمهم ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لما كانت أمم الأرض عجت بالشرك، والوثنية وإلحادا اليهود وتحرف النصارى ونكر نواقض الإيمان عند اليهود والنصارى في ذلك.
* الإيمان بالكتب المنزلة: من أركان الإيمان، وأصول الاعتقاد وأن كتاب الله: " القرآن الكريم " هو آخر كتب الله نزولا، ومن يكفر به فقد قال الله تعالى في حقه: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) وأن ما في أيدي اليهود، والنصارى اليوم من التوراة والأناجيل المتعددة، ليست هي عين التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، ولا عين الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام؛ لانقطاع أسانيدها، واحتوائها على كثير من التحريف، والتبديل، والأغاليط، والاختلاف فيها، وأن ما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام، وما عداه فهو محرف مبدل، فهي دائرة بين النسخ والتحريف ولهذا فليست بكليتها وحيا، وإنما هي كتب مؤلفة من مستأخريهم بمثابة التواريخ.
نواقض الإيمان بهذا الأصل لدى اليهود والنصارى: فقد كفروا بالقرآن، إذ لا يؤمنون به ولا بنسخه لما قبله، ولم يقروا بتحريف كتبهم ولم يسلم الإيمان بهذا الأصل العقدي، والركن الإيماني إلا لأهل الإسلام.
*الإيمان بالرسل: وهومن أركان الإيمان، وأصول الاعتقاد، إيمانا جامعا، عاما، مُؤتَلِفا، لا تفريق فيه ولا تبعيض، ولا اختلاف، وهو يتضمن تصديقهم، وإجلالهم، وتعظيمهم كما شرع الله في حقهم.
وذكر عددهم وبعض صفاتهم وأسماء أقوام بعض الرسل وأن أفضل الرسل هو خاتمهم نبينا ورسولنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه لا نبي بعده، وأن كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الثقلين عامة.
نواقض الإيمان بهذا الأصل لدى اليهود والنصارى: فاليهود لا يؤمنون بعيسى، ولا يؤمنون بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} غضب بكفرهم بعيسى ابن مريم، وغضب بكفرهم بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنصارى: لا يؤمنون بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأتوا من كفرهم به ولهذا: فهم بكفرهم هذا كفار مخلدون في النار، فكيف ينادون بوحدتهم مع دين الإسلام؟
ومن نواقض هذا الأصل: نفي بشرية أحد من الأنبياء، أو تأليه أحد منهم.
النتيجة:
* يجب على المسلمين: الكفر بهذه النظرية: " وحدة كل دين محرف منسوخ مع دين الإسلام الحق المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لما قبله "، وهذا من بديهيات الاعتقاد والمسلمات في الإسلام.
*وأن الدعوة إلى هذه النظرية: كفر، ونفاق، ومشاقة، وشقاق، وعمل على إخراج المسلمين من الإسلام.
*وأن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع، ناسخة لكل شريعة قبلها، فلا يجوز لبشر أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام.
* يجب على أمة الإسلام: " أمة الاستجابة "، اعتقاد أنهم على الحق وحدهم في: " الإسلام الحق " وأنه آخر الأديان، وكتابه القرآن آخر الكتب، ومهيمن عليها، ورسوله آخر الرسل وخاتمهم.
* ويجب على" أمة الاستجابة " لهذا الدين إبلاغه إلى " أمة الدعوة " من كل كافر من يهود ونصارى، وغيرهم، وأن يدعوهم إليه، حتى يسلموا، ومن لم يسلم فالجزية أو القتال.
* ويجب على كل مسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبيا رسولا: أن يدين لله تعالى بِبُغضِ الكفار، من اليهود والنصارى.
* وأنه لا تجوز الاستجابة لدعوتهم ببناء " مسجد، وكنيسة، ومعبد " في مجمع واحد.
* ويجب على المسلمين الحذر والتيقظ من مكايد أعدائهم.