حضارة الإسلام بين الظلم والتهوين
كتبه/ أحمد عبيد الحجازي
الحمد لله،، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم..
أصبح مصطلح الحضارة من المصطلحات التي شغلت العديد من الشعوب والحكومات؛ لأن الحضارة تمثل التاريخ لدى أي شعب من الشعوب، وإن المتأمل في واقعنا المعاصر يجد أن غالبية الدول التي تتحدث عن حضارتها يقومون بحصرها في حضارة بناء العمران وليس بناء الإنسان، وللأسف نتيجة التزييف والتحريف على الشعوب؛ لكي تعتز بحضارتها التي لم تعتنِ بالإنسان قط إلا بفئة قليلة، أما الكثرة الكاثرة فهم مجرد عبيد وخدام لتلك الحضارة المزيفة.
فلو أردنا أن نتوقف عند حضارة الفراعنة التي يعتز بها كثير من الناس، نجد أنها حضارة اهتمت اهتمامًا بالغًا ببناء العمران على حساب بناء الإنسان، ودلالة ذلك أن المصري القديم رسخ للطبقية المقيتة بين الشعب الواحد من خلال تقسيمه إلى آلهة وكهنة وعبيد، ولن يستطيع أحد أن يذكر حضارة واحدة كحضارة الإسلام اهتمت بكل الجوانب من خلال الإنسان بكل فئاته، والعمران بكل أنواعه.
فتشهد حضارة الإسلام في هذه الآونة تعديًا واضحًا من أعداء الإسلام بكل فئاتهم بالإضافة إلى الزنادقة والمنافقين، وذلك من خلال الطعن فيها وفي أسانيدها، واتهامها بعدم مواكبتها للعصر الذي نحيا فيه، ودلالة ذلك حين نتحدث عن الالتزام بالإسلام، يتهموننا بالتخلف والرجعية لألف وأربع مائة عام، وهم يطالبوننا أن نعتز بمن هلك منذ آلاف السنين.
ازدواجية مقيتة في أبشع صورها، وعلى رأس هؤلاء من يتبنون هذه الصورة المتناقضة أذناب العلمنة والزندقة، بالإضافة إلى بعض المسلمين البسطاء يقعون في ظلم حضارتهم الإسلامية أحيانًا؛ نتيجة جهلهم بحقيقة دينهم وتراثهم حين يتأثرون بشبهات بني علمان، لدرجة أن البعض يكذب أحياناً، يكذب بعض الأسانيد النبوية المتواترة، ولا يكذب برديات الفراعنة التي مرّ عليها -كما يقولون- سبعة آلاف سنة.
فلقد ضربت حضارتنا الإسلامية أمثلة رائعة في بناء الإنسان والعمران واهتمت بكافة الجوانب على مدار التاريخ، ضربت مثالاً رائعاً في بناء الإنسان، ونبذ عبوديته لبني الإنسان، بل ضربت مثالاً رائعاً فاق الخيال في العدالة حتى بين المشركين، والعزة على أعتى حضارات العالم والنصرة عليها، وضربت مثالاً في العسكرية التي أرهقت عقول العدو بشتى بقاع الأرض، ولم تترك مجال العمارة والطب والفلك فلهم أـروع الأمثلة في تشييد القلاع وصناعة السلاح.
وتعد الحضارة الوحيدة التي اتحدت قوى العالم ضدها ولم تستطع كسرها طيلة السنين، وما كُسرت الأمة إلا بتخلي أبنائها عن مصدر عزهم فكانت الهزائم، ورغم ذلك لم تمت تلك الحضارة فما زالت حاضرة في أذهان المؤمنين الصادقين.
فينبغي على كل مؤمن أن ينفض الغبار عن حضارة الإسلام؛ لكي يتعرف عليها هو وأولاده، وينطلق من حيث انطلقت، لكي يتعرف على معاني العزة في تاريخ أجداده الحقيقيين.
اللهم اجعلنا ممن يرفعون لواء حضارة الإسلام على كافة الحضارات الإنسانية المزيفة.