قراءة في كتاب: التَّأويل خُطُورَتُهُ وَآثَارُهُ.
كتبه/ أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،، وبعد.
عنوان الكتاب: التَّأويل خُطُورَتُهُ وَآثَارُهُ
المؤلف: الدكتور: عمر سليمان الأشقر (ت 1433هـ ).
الكتاب يقع في حوالي 75 صفحة من القطع الصغير، من
مطبوعات دار النفائس.
أهمية الكتاب: ترجع أهمية الكتاب إلى موضوعه؛ وهو التأويل في الصفات ومدي خطورته وآثاره المدمرة، وإلى اختصاره وتبسيطه لهذه القضية من بين المطولات فيها، والكتاب مقتصر على هذا النوع من التأويل.
وقد تناول
الكتاب هذا الموضوع في نقاط متتالية:
أولا: كلمة
الافتتاح،وبين
فيها المصنف خطورة التأويل، ومنها:
1- التأويل باب شرّ كبير، ولج
منه الذين يردون هدم الإسلام، فما تركوا شيئاً
إلا أولوه،
ولولا
حماية الله لهذا الدين لدرست معالمه وضاعت حدوده.
2- لقد أول الضالون الواجبات فصرفوها عن وجهها،
وهونوها
على أتباعهم رميها. وأولوا المحرمات
تأويلاً جر إلى ارتكابها والولوغ فيها.
3- وأولوا نصوص عذاب القبر ونعيمه،
والساعة
وأهولها،
والمعاد
والحشر والميزان والجنة والنار بحيث فقدت النصوص تأثيرها في نفوس العباد.
4- وأولوا نصوص الصفات تأويلاً أضعف صلة العباد
بربهم،
وأفقد
النصوص هيبتها.
واقتصرت
الرسالة على التأويل في باب الأسماء والصفات؛ لأن
هذا النوع من التأويل وهذه الفرية قد وجدت آذاناً صاغية عند جمع من أصحاب العقول
من هذه الأمة،
وجازت
على أقوام أوتوا ذكاء ونباهة ورأيا.
ثانيا: دعوى باطلة.
وبين فيها أن الذين خالفوا منهج الكتاب والسنة أجهدوا أنفسهم في ليّ أعناق النصوص، ليصرفوها عن ظاهرها بشتى أنواع التمحلات، وسموا عملهم هذا تأويلاً، وهذا الذي جاءوا به باطل لا شك في بطلانه.
ثالثا: هذا ليس بتأويل، بل تحريف
وبين أن الذي يعرف التأويل عند العرب في كلامها، ويفقه
معنى التأويل الذي جاءت به النصوص، والتأويل الذي عناه الأصوليون والفقهاء يعلم
قطعاً أنما جاءوا به ليس تأويلاً، بل هو من تحريف الكلم عن مواضعه الذي ذمه
القرآن وذم أهله.
رابعا: ذكر التأويل في لغة العرب وفي اصطلاح الشارع.
خامسا: اعتراض وجوابه
ذكر فيه اعتراضًا وهو: إن بعض معاجم اللغة العربية تذكر أن معنى التأويل هو صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به.
وأجاب عنه: أن معاجم اللغة العربية المتقدمة مما دون في القرن الرابع الهجري لم تشر إلى هذا المعنى الذي ذكروه مما يدل على أنه معنى اصطلاحي خاص بهم، فلا يجوز حمل ألفاظ القرآن عليه.
سادسا: المراد بالتأويل الذي يذم طالبه
التأويل الذي
يذم طالبه هو البحث عن حقيقة ما أخبرنا الله به من الغيوب التي لا يستطيع العباد
بعقولهم المجردة إدراك حقيقتها.
أما التأويل الذي يحمد طالبه فهو البحث عن تفسير الأسماء والصفات ومعرفة معانيها على الوجه الذي تعرفه العرب من كلامها.
سابعا: فقه آية آل عمران في ضوء ما سبق.
ثامنا: تناقض أهل التأويل.
بين أن الذين
يوجبون تأويل ما أثبته الله لنفسه من الصفات، ويصرفونها
عن ظاهرها يرون أن تأويل تلك النصوص لا يعلمه أحد إلا الله تبارك وتعالى.
فكان
الواجب عليهم أن يقولوا رضينا بالجهل بهذه النصوص سبيلا ولا نثبت ظاهرا ولا ننفيه
ولا نؤوله.
ثم هم يتناقضون
مرة أخرى عندما يصرفون هذه النصوص إلى نظير ما نفوه من معاني،
فهم
يؤولون يد الله بقدرته، فإذا كان هذا
التأويل حقّا ممكنا كان المنفي مثله، وإن كان المنفي
باطلا ممتنعا كان الثابت مثله.
تاسعا: هل الصفات من المتشابه.
الإحكام
والتشابه قد يكون عامّا، فيوصف القرآن
كله بالإحكام،
كما
يوصف كله بالتشابه، وقد يكون خاصا،
فيكون
بعض آيات الكتاب محكما وبعضها متشابها.
وأما التشابه
العام ففي مثل قوله تعالى: {الله نزل أحسن
الحديث كتاب متشابها مثاني} فأخبر أن القرآن كله متشابه.
ومعنى التشابه
الذي يوصف به القرآن كله تماثل الكلام وتناسبه، بحيث
يصدق بعضه بعضا.
ثم بين أن
المراد بالتشابه الخاص مشابهة الشيء لغيره من وجه مع مخالفته له من وجه آخر،
بحيث
يشتبه على بعض الناس أنه هو، أو مثله،
وليس
كذلك.
والإحكام الخاص
هو الفصل بينهما، بحيث لا يشتبه
أحدهما بالآخر،
وهذا
التشابه إنما يكون بقدر مشترك مع وجود الفاصل بينهما.
عاشرا: أجاب عن ادعاء أهل التأويل أنهم يسيرون على خطا علماء الأصول بوجوه:
الأول:
أن
هذا التعريف للتأويل تعريف اصطلاحي لجماعة من متأخري العلماء،
وليس
هو التأويل الذي ورد في الكتاب والسنة، كما سبق بيانه.
الثاني:
أن
كثيرا مما أوله من سلك سبيل التأويل نصوص لا يجوز تأويلها، فالمجاز
والتأويل لا يدخل في المنصوص، وإنما يدخلان في
الظاهر المحتمل له.
الثالث:
أن
تأويلهم للنصوص لا يرتضيه أهل الفقه والأصول، لأن
هؤلاء وضعوا للتأويل شروطا، فإذا فقدت هذه
الشروط كان هذا التأويل فاسدا.
الحادي عشر: الشروط التي يجب توافرها في التأويل عند الأصوليين.
أحدها: أن يكون ذلك المعنى المجازي مما يراد به اللفظ، لأن الكتاب والسنة وكلام السلف جاء باللسان العربي، ولا يجوز أن يراد منه خلاف لسان العرب، أو خلاف الألسنة كلها.
الثاني: أن يكون معه دليل يوجب صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه.
الثالث: لا بدَّ أن يسلم ذلك الدليل -الصارف- عن المعارض، وذكر أمثلةً.
الرابع: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- إذا تكلم بكلام، وأراد به خلاف ظاهره وضد حقيقته، فلا بدَّ أن يبين لأمته أنه لم يرد به حقيقته، سواء عينه أو لم يعينه.
الثاني عشر: مثال تطبيقي للشروط السابقة.
قول المؤولة:
المراد
باليد النعمة والعطية:
إن قوله تعالى:
{لما
خلقت بيدي} لا يجوز أن يراد به القدرة، لأن القدرة صفة
واحدة،
ولا
يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد، ولا يجوز أن
يراد به النعمة،
لأن
نعم الله لا تحصى، فلا يجوز أن
يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية.
الثالث عشر: الأدلة على بطلان التأويل.
يزعم المؤولون
أن الأدلة العقلية ألزمتهم بتأويل نصوص الصفات
والرد على هؤلاء
من وجوه:
الأول:
أن
المعاني المحدثة المستحيلة على الله التي أرادوا صرف النصوص عن ظاهرها ليست هي
ظاهر النصوص،
بل
الظاهر هو ما يسبق إلى العقل السليم من اللغة التي يفقهها من تكلم بها.
الثاني:
أن
نفي التشبيه لا يكون بنفي الصفات وتأويلها، وإنما
يكون بإثبات هذه الصفات، مع نفي التشبيه،
وهذا
لا يحيله العقل ولا يرفضه.
الثالث:
إن
منهجهم هذا أدى إلى تحكيم العقل في النصوص، فكل
من لم يرض عقله عقيدة أو حكماً أو تشريعاً جاءنا من عند الله قال:
إن
حكم العقل لا يقبله، ومن هنا وجب
تأويله.
الرابع عشر: خطورة التأويل وآثاره المدمرة.
1- ن
التأويل أصل خراب الدين والدنيا، فما اختلفت
الأمم على أنبيائهم إلا بالتأويل، ودماء المسلمين
إنما أريقت بالتأويل.
2- أن
التأويل فتح لأهل الشرك والبدع لإفساد دين الله.
3- التأويل
يشوش القلوب.
الخامس عشر:مثال يبين خطورة التأويل
مثال طبيب ركَّب
دواءً يحفظ صحة جميع الناس أو أكثرهم، فجاء رجل لم
يلائم ذلك الدواء مزاجه لرداءة مزاج كان به، فزعم
بعضهم أن تلك الأدوية التي ركب منها الدواء لم يرد بها ذلك الدواء.
وإنما
أراد بها دواءً آخر.
نسأل الله
العصمة من الزلل، والسداد في
القول والعمل،
والحمد
لله رب العالمين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه.