قراءة في كتاب: خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء

قراءة في كتاب: خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء
الاثنين ٢٨ فبراير ٢٠٢٢ - ١٠:٠٠ ص
276

قرأة في كتاب: خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم

بين الغلو والجفاء 

كتبه / محمود الشرقاوي 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد .

أصل الكتاب:

أصل هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها الباحث/ الصادق بن محمد بن إبراهيم إلى قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية لنيل درجة الماجستير، ونوقشت الرسالة في عام (1415هـ).

مقدمة: 

المسلمون وسطٌ بينَ الغالينَ والجافينَ، لم يغلُوا كما غلتِ النصارى الذين جعلوا المسيحَ ابنَ اللهِ، ولم يقَصروا كما قصّرتِ اليهودُ الذين قتلوا الأنبياءَ والرسلَ، بل قدّروا رسولَهم حقَّ قدرِه ثم بعد أن فتح الله تعالى البلاد وانتشر فيها الإسلام ودخل فيه من أهلها من كان متأثراً بمعتقدات تلك البلاد أو دخل بنية التضليل والإفساد فسَرَتْ نتيجة لذلك عدوى الأمم السابقةِ إلى هذه الأمة من الغلو في أنبيائها والتقصير في حقوقهم.

وصف إجمالي للكتاب:

*ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء عليهم السلام في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة.

* خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته وقد يشاركه فيها أنبياء آخرون. 

* خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة قبل وجوده بأنه أول النبيين في الخلق وأنه مخلوق من نور الله تعالى وأنه صلى الله عليه وسلم يمحو الذنوب ويعلم ما في اللوح المحفوظ والقلوب وخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي ورؤيته صلى الله عليه وسلم بعد موته يقظة لا مناماً وتلقين مشايخ الصوفية الأوراد.

* خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة من الفلاسفة وعند القاديانية وأن الأولياء تشارك الأنبياء في خصائصهم.

م ذكر خاتمة البحث

نبذة عن الكتاب:

*بدأ التعريف بالخصائص النبوية: وهي الفضائل والأمور التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم وامتاز بها إما عن إخوانه من الأنبياء وإمّا عن سائر البشر.

* للخصائص النبوية قسمان رئيسان: 1- خصائص تشريعية         2-خصائص تفضيلية.

* مظان الخصائص: أي الكتب المشتملة على خصائصه صلى الله عليه وسلم وهي: كتب السنة النبوية، وكتب السيرة النبوية، وكتب دلائل النبوة وأعلامها، وكتب الشمائل والفضائل، وكتب الفقه.

* كتب أفردت للخصائص النبوية منها: بداية السول في تفضيل الرسول للعز بن عبد السلام، وغاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الملقن، والخصائص الكبرى أو كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب للسيوطي لكن هذه الكتب فيها بعض الأمور المنكرة ووضح ذلك في هذا البحث.

* الباب الأول: الخصائص النبوية الصحيحة وفيه فصلان:

الأول: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع الأنبياء عليهم السلام.

1- خصائصه في الحياة الدنيا منها:

اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالقرآن كلام الله تعالى وهو أخصُّ معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لأنّ معجزة القرآن أبقى على مر العصور ولأن الله تكفل بحفظه ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))، (الحجر:9) وأنه خاتم النبيين، وبالنصر بالرعب مسيرة شهر، وجعلت له الأرض مسجداً وطهوراً. 

 واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بيوم الجمعة،و بنداء الله تعالى له (يأيها النبي) و(يأيها الرسول) ونهى الناس أن ينادوه باسمه، وبأن الله تعالى أقسم بحياته، وبأن الله تعالى قدّمه على جميع أنبيائه في الذكر في أغلب آيات القرآن، وبانشقاق القمر آية له، وبأن من معجزاته ما هو أظهر في الإعجاز من معجزات غيره من الأنبياء، وبأنه بعث رحمة للعالمين وبأن الله تعالى جمع له من مراتب الوحي مراتب عديدة وهي:

أ- الرؤيا الصالحة                          ب- ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه

ج-كان يتمثل له الملك رجلاً فيخاطبه       د-أنه كان يرى الملك في صورته التي خُلق عليها

هـ -ما أوحاه الله إليه وهو فوق السماوات ليلة المعراج   و-كلام الله منه إليه بلا واسطة ملك 

وباختصاصه صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى جمع له بين القبلتين، وبأنَّ الدجال لا يدخل بلدتيه وبأن الصلاة في مسجده أفضل من ألف صلاة وبأن ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة، وأنَّ منبره على حوضه وذكر أدلة هذه الخصائص مع توضيحها.

2- خصائصه في الحياة الاخرة.

اختصاصه صلى الله عليه وسلم بأنه أول من تنشق عنه الأرض وبإعطائه لواء الحمد، وأنه أول من يدخل الجنة يوم القيامة وبأن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، وبأنه سيد ولد آدم يوم القيامة ويفتح الله عليه من المحامد ما لا يفتحه على غيره، وبأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبأنه أول شفيع في الجنة وأول من يقرع بابها. 

واختصاصه صلى الله عليه وسلم بمنزلة الوسيلة وبإعطائه الكوثر وذكر أدلة هذه الخصائص مع توضيحها

الثاني: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته، وقد يشاركه فيها أنبياء آخرون.

اختصاصه صلى الله عليه وسلم دون أمته بوجوب محبته وبأن الله تعالى عصمه من الناس

وبإسلام قرينه وبأن من رآه في المنام فقد رآه حقاً ولا يتمثل الشيطان به وبأن من كذب عليه متعمداً مختلف في كفره، وبأنه تنام عينه ولا ينام قلبه، وبأنه يَرى من وراء ظهره كما يَرى أمامه، وبأنه يسمع ما لا يسمعه الناس، وبتفضيل نسائه على سائر النساء وبأن أزواجه اللاتي توفي عنهنّ محرمات على غيره أبداً، وبأنه يوعك في مرضه كما يوعك الرجلان من أمته، وبتخييره قبل قبضه بين الدنيا والآخرة، وبأن الأرض لا تأكل جسده وعَرض صلاة أمته عليه في قبره. 

* الباب الثاني

خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة.

 الفصل الأول: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة قبل وجوده.

*يعتقد أئمة الغلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق قبل الأنبياء، وأنَّه نُبي منذ ذلك الوقت، وأنه مرسل إلى جميع الأنبياء وأممهم، فممن قال بذلك منهم: ابن عربي، وأبو الحسن السُبكي، والسيوطي، ومحمد بن عبد الباري الأهدل استدلوا بحديث: (كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث)، وبالنظر إلى سند هذا الحديث فهو مُعلاً بعلل وذكر باقي أدلتهم ثم رد عليها.

وذكر أن السبكي رتب أحكاماً على: كيف يكون مرسلاً إليهم مع تأخر وجوده صلى الله عليه وسلم عنهم؟ والسبكي مقلد في هذا الفهم لشيخه الأكبر ابن عربي حيث ربط بين الأرواح وحركة الفلك، وجعل روح محمد صلى الله عليه وسلم الروح المدبّرة وهذه الروح تُسمى عند الفلاسفة القدماء بالعقل الأول الذي صدر عن الله تعالى بزعمهم عن طريق نظرية فيض الموجودات عن الواحد، ثم صدرت عن هذا العقل بقية الموجودات قال فيه ابن تيمية الدليل الذي بنوا عليه قولهم مما لا أصل له من نقل ولا عقل.

* يعتقد الغلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور، وأن هذا النور مخلوق من نور الله جلَّ وعلا. فممن قال بذلك منهم: ابن عربي وعبد الكريم الجيلي وأبو الحسن بن عبد الله البكري ، ومحمد عثمان عبده البرهاني وغيرهم واستدل الغلاة بالحديث المنسوب إلى جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: يا جابر إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قَسّم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء:.... ثم نظر إليه فترشح النور عرقاً، فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفاً وأربعة آلاف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة...... هكذا بدأ خلق نبيك يا جابر}.

الرد: الحديث ظاهر الوضع، واضح النكارة، وفيه نَفَسٌ صوفي.

* المفاسد العقدية المترتبة على هذا الحديث:

وهي اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور الله نفياً لبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ذكر أقوالهم ومعتقداتهم بأن الكون خلق من نور النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور الله ويترتب على علي ذلك القول بوحدة الوجود والاتحاد بالله تعالى والفناء فيه، فلما فنوا في ذات الله تعالى بزعمهم صدرت عنهم نتيجة لذلك الشطحات من دعوى الإلهية والربوبية في كل البشر، ونقل نماذج لأقوال أئمتهم توضح ذلك منها قول أبو يزيد البسطامي: (: (سُبحاني سُبحاني أنا ربي الأعلى). ونقل أقوال أئمة الصوفية والشيعة الإمامية على نفس النهج ومرجعهم في ذلك الطريقة الفلسفية اليونانية الأروسطية الأفلاطونية. 

الرد: فرد على هذه الخرافات الكفرية ونقل أقوال أئمة أهل السنة أن أول مخلوق هو القلم أو العرش على خلاف بينهم. 

* اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بتوسل الأنبياء به قبل وجوده: يعتقد كثير من الغلاة أن الأنبياء عليهم السلام توسلوا بحق وجاه وذات المصطفى صلى الله عليه وسلم الشريفة قبل أن يُخْلق. ويوردون في ذلك أحاديث إمَّا موضوعة، وإمَّا ضعيفة لا يحتج بها، منها ما أورده السبكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لمَّا اقترف آدم الخطيئة قال: يا ربِّ أسألك بحق محمدٍ لمَّا غفرت لي، فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ ...} 

أولاً: حكم الذهبي علي هذا الحديث بـ(الوضع)، و(البطلان)..

ثانياً: مخالفة ألفاظ الحديث للعديد من نصوص الشرع: منها: {لولا محمد ما خلقتك} مخالفة لصريح القرآن:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

* المفاسد العقدية المترتبة على حديث: {لمّا اقترف آدم الخطيئة}.

 المفسدة الأولى: ظهور البدع وتفشيها في أوساط المسلمين، وعبادة الله بغير ما شرع، فالتوسل بالحق والجاه والذات 

المفسدة الثانية: الحديث ذريعة للشرك الأكبر. مثل قو القائل يا رسول الله إن لم تغثني …فإلى من ترى يكون التجائي 

ولم هذا النوع من التوسل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وسع الأمر ليشمل غيره صلى الله عليه وسلم.

*ثم ذكر أنواع التوسل المشروع.

الفصل الثاني: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة في حياته البرزخية.

وفيه ثمانية مباحث:

المبحث الأول: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته. 

فممن شهَّر القول بذلك منهم: السبكي وابن حجر الهيتمي واستدلوا على ذلك بحديث: {من زار قبري وجبت له شفاعتي} رواه الدارقطني، والبيهقي. وقال منكر وذكر إنكار ابن خزيمة وابن حجر لهذا الحديث وعندما أنكر ابن تيمية هذه الأحاديث ظنوا أن ابن تيمية يمنع زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وشنع عليه السبكي غاية التشنيع. 

المبحث الثاني: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من حج حجة الإسلام وزار قبره وغزا غزوة وصَلّى عليه في بيت المقدس لم يسأله الله تعالى فيما افترض عليه: فقد أورد السبكي حديث: {من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلى عليَّ في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما افترض عليه} مستدلاً بذلك على فضل زيارة القبر النبوي الشريف وتعظيمه. 

*الرد: وهذا الحديث موضوع باطل لا شك في بطلانه قال الذهبي إنه: (خبر باطل).

* المفاسد العظيمة المترتبة على الحديث: هذه خطوة أخرى من عدو الله إبليس للقوم يدعوهم فيها للتنصل والانسلاخ من دين الله وشرائعه وفرائضه فهل أن من أتى بتلك الأعمال لا يسأله الله عما افترض عليه من التوحيد وحلَّ له شرب الخمر وجاز له ترك الصلاة والزكاة؟!محتجاً بهذا الحديث.

* أصناف حُجاج القبور وأن السفر إلى قبره صلى الله عليه وسلم يقوم مقام السفر إليه لو كان حياً.

المبحث الثالث: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بمحو الذنوب وعلم ما في اللوح المحفوظ والقلوب: 

خصَّ الغلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بخصائص هي من جنس خصائص ربِّ العزة والجلال من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير ويقول البُوصِيري: فإن من جودك الدنيا وضرتها …… ومن علومك علم اللوح والقلم.

*الرد: قال وقبل أن يناقش القوم فيما ذهبوا إليه من القول بتلك الوسائط الشركية، ذكر شيئاً عن الوسائط المشروعة:

1- الرسل واسطة تبليغ       

2- ومن ذلك ما يحدث بين الخلق من الشفاعات المحمودة، وثبت في الصحيح: {اشفعوا تؤجروا} وذكر الفرق بين الخلق بعضهم وبعض وبين المخلوق وربه ومن سوي بين ذلك وقع في الكفر

* أن اعتقاد هذه الخصية في النبي صلى الله عليه وسلم غلو وناقض من نواقض الإسلام 

المبحث الرابع: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأنه إليه الملاذ والمهرب في الشدائد والكرب فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى: وذكر أقوالهم في ذلك 

*الرد: نقل بطلان ذلك بنصوص من القرآن

المبحث الخامس: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأنه يُجيب الدعاء وترفع إليه أكف الضراعة:

*الرد: نقل بطلان ذلك بنصوص من القرآن وهذا أيضاً من خصائص الله تعالى التي لا يجوز صرف شيء منها لغيره تعالى. 

وهؤلاء قاموا بتأليف أوراد مبتدعة لمريديهم وأتباعهم صرفوهم بها عن القرآن والسنة، وأخذوا عليهم العهود والمواثيق في الاشتغال بها صباح مساء وأن من نسيها فعليه القضاء وأن من تركها بالكلية فسيقع عليه الهلاك والدمار.

المبحث السادس: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي:

ونقل قصص لهم في ذلك.  

 *الرد: أن هذا القصص مكذوب 

المبحث السابع: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة برؤيته بعد موته في الحياة الدنيا يقظة لا مناماً:

فممن قال بذلك منهم: ابن حجر الهيتمي والسيوطي وأبو المواهب الشاذلي والشعراني وأحمد التجاني وخلفاؤه وأكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من استدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظه: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي} وذكر حكايات مكذوبة وأعجب تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع وقال الشعراني أيضاً: (وكان رضي الله عنه -يعني السيوطي- يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي: يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك). 

*الرد: فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف ولا كان تأليف الدواوين الضخمة وأن هذا القصص المكذوب نوعاً من العبث بالشريعة، ولو صح لاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة!!

* رواية (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث بلفظ: {من رآني في المنام فقد رأى الحق} ونقل أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل.

*ثم ذكر بعض شطحات الصوفية في كيفية الرؤية المزعومة وبعض الأوراد والصلوات التي أمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم على زعمهم منها صلاة الفاتح. 

*الرد: ما قالوه يُلزمهم إما خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم للأمانة وعدم تبليغه للرسالة لإخفائه هذه الأذكار أو كذَّبتم الله تعالى الذي أخبر عن إكمال شرائع دينه وإتمام النعمة علينا، وتكذيب الله كفر به، 

* الطريقة التيجانية وأقوالهم الشنيعة منها: 

1- إن كل من رأى أحمد التجاني فهو من الآمنين إن مات على الإيمان، وكل من أحسن إليه بخدمة أو أطعمه طعاماً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب وإن اتباع التجاني كلهم معه في عليين مع الضمان وأن من سبّ أحمد التجاني لا يموت إلا كافراً

2- إن من قرأ بعض أوراد التيجانية له ثواب سبعين نبياً كلهم بلغ الرسالة وأفضل من القرآن آلاف المرات.

الباب الثالث: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم عند الجفاة: وذكر فيه فصلان:

الفصل الأول: رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم: وذكر فيه مبحثان:

المبحث الأول: رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم عند الفلاسفة المنتسبين للإسلام:

*تأثر بعض المسلمين ممن ولد أو عاش في بيئات أعجمية بأفكار تلك البيئات وما يوجد فيها من فلسفات تخالف تعاليم الإسلام، ومن هؤلاء أبو نصر الفارابي. وقد كتب الفارابي كتاباً سماه: (آراء أهل المدينة الفاضلة) جارى فيه أفلاطون في كتابه: (الجمهورية) إلى حد كبير، ويحوي كثيراً من الآراء الأفلاطونية التي ضمنها نظريته فمنها نلاحظ الآتي:

1- يذهب الفارابي إلى أن الوحي إنما يكون لمن حل العقل الفعال في قوتيه الناطقة والمتخيلة. ويجعل هذه القوى من خصائص النبوة التي تؤثر على العالم الخارجي فتكون بذلك المعجزات.

2- يسوي في الرتبة بين الفلاسفة والأنبياء من حيث الأخذ عن العقل الفعال. ثم يقدم الفلاسفة على الأنبياء. 

الرد: فظهر بهذا سوء اعتقاد الفارابي في النبوة، وأنه إذا وجد شخص لديه قوة تخيل سيكون نبياً، ويلزم من هذا استمرار وجود أنبياء إلى قيام الساعة، وهذا رد واضح لعقيدة ختم النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بجانب اعتقاده عدم اصطفاء الله تعالى لأنبيائه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم.

وممن تأثر بفلسفات تخالف تعاليم الإسلام ابن سينا حيث جعل معجزات الأنبياء من قبيل ما يأتي به السحرة، كما أنه سوَّى بين المعجزات والكرامات وجعلهما في مصاف واحد. ولذلك ادعاء كثير من مشايخ الصوفية والإمامية الاثني عشرية كرامات هي من قبيل المعجزات أو أعظم، إنما يرجع إلى نظريات فلسفية ورياضات هندية وأحوال شيطانية، وطلاسم سحرية.

*ثم ذكر جملة من أقوالهم الشنيعة وما يلزم منها من لوازم باطلة.

المبحث الثاني: رد خصيصة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم عند القاديانية:

م ذكر تاريخ ظهور القاديانية في أوساط المسلمين: واعتقادهم نبوة أحمد القادياني.

 ويُسمي القاديانيون أنفسهم بالأحمدية تدليساً على المسلمين حتى يفهموا أنهم ينتسبون إلى نبي الإسلام أحمد صلى الله عليه وسلم فيحصل لهم الغرر بذلك وإنما هم في الحقيقة يعنون بذلك الانتساب إلى متنبئهم أحمد القادياني.

*ثم ذكر متنبئ القاديانية غلام أحمد: مولده وأسرته وتعليم وأنه كان مبتلي بمرض الهيستريا وضعف الذاكرة.

* سبب ظهوره: لما فشلت ثورة الهند الكبرى (1857م) ضد الاحتلال البريطاني، فاستغلت بريطانيا هذه الأوضاع لمصلحتها وذلك بإيجاد مثل هذا المنقذ والمصلح الذي تتعلق به آمال المسلمين والذي يخدم سياسة بريطانيا من خلال ذلك. فاختاروا عملاء وتخيروهم بُلهاء فكان غلام أحمد أحد هؤلاء وذلك لإبطال عقيدة الجهاد ضد أعداء الله، حتى لا يفكر المسلمون في الجهاد ضدهم حيث يقول القادياني: (إنه بعثني لكي أرشد العالم نحو الإله الحق بكل سلم وحلم)..

* نماذج من وحي القادياني المزعوم وتصدير دعوته من الهند وباكستان إلى جميع أرجاء العالم الإسلامي وادعائه أنه خاتم الأنبياء وإهانته لأنبياء الله تعالى ورسله وموالاة القادياني لأعداء الإسلام وتكفير القاديانية للمسلمين.

الرد: فيما أورده عن القاديانية من نصوص يدّعون فيها نبوة غلام أحمد، وأنهم لا يؤمنون بشيء مما يؤمن به المسلمون كفاية لإثبات كفرهم بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وخروجهم عن ملة الإسلام.

الفصل الثاني: تقديم الجفاة أولياءهم على النبي صلى الله عليه وسلم في الخصائص: وذكر فيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: مشاركة أولياء الجفاة للأنبياء عليهم السلام في خصائصهم.

* صور من زعم الجفاة مشاركة الأنبياء عليهم السلام في خصائصهم:

1-دعوى أوليائهم بغفران ذنوبهم وهم أحياء وزعمهم نزول موائد من السماء على أولياءهم

2-وأن أولياءهم يعلمون منطق الطير وسائر لغات الوحوش ويحيون الموتى

المبحث الثاني: خصائص لأولياء الجفاة فاقت خصائص سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم:

1-فمن ذلك: صلاة (الفاتح) لما أغلق تفْضُل القرآن الكريم آلاف المرات عند التيجانية وأن الكعبة تطوف بهم.

2-دعوى ضمان الجنة وغفران الذنوب وحصول الرحمة لأتباعهم ويعلمون ما بالقلوب

3- منازعة أولياءهم لملك الموت وقهره ورد أرواح مريديهم منه بعد قبضها.

4- زعموا أن أولياءهم يقولون للشيء (كن) فيكون وأن أولياءهم يتطورون بأشكال مختلفة.

*وذكر من هذه الافتراءات عدة قصص منقولة من كتبهم وكتب أتباعهم وكل هذه القصص مملوءة بالكذب. 

المبحث الثالث: خصائص وأحوال لأولياء الجفاة فارقت هدي النبي صلى الله عليه وسلم:

1-خصائصهم في الصيام: قال الشعراني في ترجمة أحمد البدوي: (وكان يمكث الأربعين يوماً وأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام).

2- خصائصهم في القيام: قال المناوي في ترجمة شاه بن شجاع الكرماني: (أقام شهراً لا ينام)

3- انقطاعهم عن الخلوات والفلوات: وقال النبهاني في ترجمة محمد شمس الدين الحنفي: (ثم حُبب إليه الخلوة فاختلى سبع سنين لم يخرج من خلوة تحت الأرض) 

الرد: أين هؤلاء من صلاة الجماعة والجمعة والجهاد والي غير ذلك من العبادات

4- مفاسدهم الأخلاقية: ولهم في الخروج عن شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم مخالفات يندى لها الجبين، ويقترفون الفواحش.

مجمل الفروق بين آيات الأنبياء وكرامات الصالحين وخوارق الشياطين:

الأول: إن ما تخبر به الأنبياء لا يكون إلا صدقاً، وأما ما يخبر به من خالفهم من السحرة والكهان فإنه لا بد فيه من الكذب.

الثاني: إن الأنبياء لا يأمرون إلا بالعدل ولا يفعلون إلا العدل وهؤلاء المخالفون لهم لا بد لهم من الظلم.

الخاتمة:

 وبعد فهذا نزر يسير مما تحتاج إليه الأمة الإسلامية من الحقائق والبراهين من الكتاب الكريم وهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فيما يجب عليها أن تعتقده في نبيها صلوات ربي وسلامه عليه، وفيما يجب عليها من حماية جنابه العظيم بذبَّ الكذب عنه مما ألصقه به الغلاة أو انتقصه الجفاة بسبب شبهة قامت على دليل ضعيف، أو عاطفة مجردة عن العلم، أو بسبب عدم التفريق بين ما هو معجزة وخصوصية له صلى الله عليه وسلم وبين ما هو حق خاص لله تبارك وتعالى، أو بين ما هو كرامة للأولياء وخوارق للشياطين؛ فحدث نتيجة لهذا الخلط مفاسد عقدية عظيمة.

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم