قراءة في كتاب: العواصم من القواصم لابن العربي.

قراءة في كتاب: العواصم من القواصم لابن العربي.
الاثنين ١٥ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٧:٤٧ ص
392

قراءة في كتاب (العواصم من القواصم) لابن العربي. 

كتبه/ محمودالشرقاوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

كتاب "العواصم من القواصم" هو من كتب التراث القائم علي نقد الشبهات وهذا الكتاب للعلامة للقاضي أبي بكر بن العربي

ترجمة القاضي أبي بكر بن العربي 468 - 543 هـ

قال عنه الإمام الذهبي: "الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ، ابْنُ العَرَبِيِّ الأَنْدَلُسِيّ، الإِشْبِيْلِيّ، المَالِكِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ." سير أعلام النبلاء.

والقاضي أبو بكر بن العربي مؤلف "العواصم من القواصم" إمام من أئمة المسلمين، ويعتبره فقهاء مذهب الإمام مالك أحد أئمتهم المقتدى بأحكامهم؛ وهو من شيوخ القاضي عياض مؤلف كتاب "الشفا" في التعريف بحقوق المصطفى وكتابه "العواصم من القواصم" من خيرة كتبه ألفه سنة 536 وهو في دور النضوج الكامل، بعد أن امتلأت الامصار بمؤلفاته وبتلاميذه الذين صاروا في عصرهم أئمة يهتدى بهم لكنه أشعري المعتقد.

نبذة عن الكتاب:

 كتاب "العواصم من القواصم" وهو عبارة عن مبحثين: المبحث الأول يعتبر من التراث الفلسفي النادر الذي اتسم بنزعة نقدية للفلسفة اليونانية وروحها الوثنية القائمة على النظرية المجردة.

المبحث الثاني في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي، وهو كتاب تاريخي يبحث في مسألة العصمة.

قام أ.د /عمار طالبي الأستاذ بكلية الآداب جامعة الجزائر ورئيس قسم الفلسفة بتحقيق المبحثين في كتاب واحد وإضافة بعض التعليقات في الهامش.

المبحث الأول:

*يتحدث عن بعض القواصم والمغالطات الصادرة من الفلاسفة وأفكارهم المنابذة للشريعة وكذلك مغالطات الصوفية ودعاءة الباطنية

*وذكر أن قواصم الصوفية نبعت بسبب جملة من الأحاديث الموضوعة المكذوبة علي النبي صل وسلم وبنو عليها كثير من آرائهم مثل الحديث الباطل " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" هو كلام لبعض العلماء الحكماء وليس بحديث ولكن بنو عليه انا كل ما في الدنيا ليس حقيقة والحقائق في الآخرة وبالتالي هذه العلوم ليست حقيقة ونفوا حقيقة أقوال الرسل.

* وذكر طائفة أخرى قالوا أقوال الرسل حقيقة واعترفوا بمقتضياتها ومتعلقاتها ولكن إذا فاض الله على العبد بلطفه جاءه من المعرفة ما يستغرق مقتضى الأدلة من البيان فلو صفت نفسه انكشف له الغيب فيرى الملائكة ويسمع كلامهم ويطلع على أرواح الأنبياء ويسمع كلامهم وانتهى بهم الغلو بمشاهدة الله وأدخلوا ذلك في باب الكرامات وذكر مناظره بينه وبين الغزالي في ذلك.

 *وآخرون جعلوا العلم صحيحًا ولكن بطلب من معصوم عن معصوم وهو مذهب الإمامية الباطنية وهم يستترون بهذا الكلام وراء عقيده الحلول فالله عندهم يحل في المعصوم محمد صلى الله وسلم فلما مات خلفه وصيه علي بن أبي طالب وتنتقل عندهم العصمة إلى أن وصلت إلى الإمام المنتظر عندهم وذكر ابن العربي اجتماعه بعلمائهم في أكثر من بلده وناظرهم في ذلك.

 *وذكر أن سبب انتشار هذه الأفكار هم بنو برمك وجعْل  الوالي أمر الخلافة إليهم وكانوا باطنية  يعتقدون أراء الفلاسفة وكانوا يعقدون مجالس ويقدمون فيها رؤساء المعتزلة والإمامية وأمر البرامكة بترجمة كتبهم في الطب والطبيعة إلى العربية فتولى ذلك يهودي أو نصراني فخلط بهذه الكتب عقائد تتعلق بالإلحاد وتتعارض مع الشريعة في أصولها وفروعها ونقل هذا المترجم  أراء لجالينوس واستحسانه للحم الخنزير فتربى على كتبهم ابن الرواندي والجاحظ المعتزلي وكثير من أمثالهم الذين أسسوا في البشر أنه لا مدرك إلا العقول وأنها تغني عن الرسل.

* ثم ذكر القدرية وأنها أخذت أقوالها من الفلاسفة وقالوا العبد فاعل والنار تحرق بذاتها ورد على هذا ابن العربي ولكن للأسف رد من خلال فكره الأشعري وأثبت أن النار لا تحرق بذاتها ولكن حدث الإحراق عند اقتران النار بالمحروق.

 *وذكر من قال بقدم العالم وليس لها خالق ونفوا البعث والحشر والثواب والعقاب فرد على ذلك.

*وذكر مِن الفلاسفة مَن ينفون علم الله ومنهم من يثبته لكنه علم حادث لا يعلم بالأشياء إلا بعد حدوثها ومنهم من قال إنه سبحانه يعلم الأشياء قبل حدوثها ولكن ليس على التفصيل كالجويني ورد عليهم بطريقة أهل الكلام ولم يذكر آية من كتاب الله ولا حديثًا في إثبات علم الله الأزلي.

 * وذكر من أهتم بكلام الفلاسفة في تهذيب النفس ومن جمع بين الفلسفة والدين فرد ذلك وتكلم عن منزلة العقل من الدين *وذكر قول النصارى في أن عيسى أفضل من محمد لأن عيسى روح الله فرد بأن عيسى روح من الأروح التي خلقها الله وأضافها إليه سبحانه إضافة خلق وتشريف.

*  وذكر رده على الطبائعيين الذين نسبوا كل شيء مخلوق للطبيعة بسبب امتزاج الماء والنار والرطوبة واليبوسة وربطوا ذلك بالأفلاك وعبروا عنها بالعقل وربطوا بينها وبين القضاء والقدر والخير والشر وما يوجد في هذا الكون من خلال هذه التراكيب والتدخلات ولم ينسبوا ذلك لله وحده.

*وذكر طائفة قالت إن وجود الله ومعرفته لا تفتقر للشرع وما جاء عن الأنبياء ما هو إلا حيل فقد جرى لغير الأنبياء خوارق للعادات فرد ذلك بإثبات المعجزات والفرق بينها وبين السحر.

*وذكر أصحاب الإشارات الذين قالوا إن ألفاظ الشريعة لها معان أخرى وراءها وأن للقرآن معنى ظاهر وباطن مثال ذلك في قوله تعالى (لله المشرق والمغرب) قالوا المشرق القلوب والمغرب نجوم العلوم فلو طلعت شمس المعارف خفيت نجوم العلوم وجعلوا أمثال القرآن دليلًا لهم لأنها تدل على معان أخرى وراءها وهذا الكلام يؤدي إلى تعطيل الشرع بوضع معاني غير ما أراد الشرع مثال ذلك قولهم في حديث " إن الملائكة لا تدخل بيت في كلب او صوره" قالوا البيت هو القلب والكلب هو النجاسة والصورة هي الدنيا.

* وذكر أن الظاهرية ممن كادوا الإسلام وجعلهم طائفتين:

1- المتبعون للظاهر في العقائد والأصول.   

2- المتابعون للظاهر في الأصول.

قال وكلا الطائفتين في الأصل خبيثة وجعلهم مشبهة لأنهم اثبتوا صفات الله الثابتة في القران الكريم كاليد والساق.... إلخ وأَّوَّل ابن العربي هذه الصفات على مذهبه الأشعري مثال ذلك جعل نزول الرب أي نزول إحسانه وبركاته.

 ابن العربي منافر لابن حزم وكان أبوه أبو محمد من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم الظاهري.

*ثم تكلم على الكرسي والقلم والموت الذي يذبح بين الجنة والنار وتناوُل النبي صلى الله عليه وسلم عنقود العنب في صلاة الكسوف والكلام على الصراط والميزان ثم عرج على عدة أحاديث قام بشرحها فيما يتعلق بالثواب في فضل قراءة سوره البقرة وآخر من يخرج من النار.

*ثم رد بشدة على ابن حزم وأخذه بالظاهر في بعض النصوص.

المبحث الثاني:

وهو الجزء الأشهر من الكتاب هو المتعلق بتحقيق مواقف الصحابة في فترة الفتنة الكبرى والشبهات المثارة ضد الصحابة، يستعرض هذا الجزء العديد من المغالطات واحدة واحدة في شكل (قاصمة) ثم تفنيدها في شكل (عاصمة)، ويدافع المؤلف عن الصحابة ويذكر مناقبهم وكراماتهم، فسمى الدعوة "قاصمة" والرد عليها "عاصمة"، حتى وصل في ردوده إلى العصر العباسي.

ونشر هذا الجزء مستقلاً عن الكتاب الكامل بتحقيق العلامة محب الدين الخطيب، ويكتسب هذا الجزء أهميته بتحقيق هذا العالم الكبير، وبدون هذا التحقيق يفقد الكتاب الكثير من قيمته، لذا أنصح كل من يفكر بشراء الكتاب أو قراءته أن يتأكد من أنه بتحقيق محب الدين الخطيب حيث وضع في هامش الكتاب توضيحات جلية وزيادات مفيدة تعين على فهم كلام ابن العربي فالرجوع إليه في الجزء الخاص بالعواصم في المواقف بين الصحابة بتحقيق محب الدين خطيب أفضل فائدة وأعم وأكمل من هذا الجزء في نسخة أ.د / الطالبي.

ملخص المبحث الثاني:

*ذكر ما حدث بعد وفاه النبي صلى الله عليه وسلم وبيعة ابي بكر وسبب منع ميراث فاطمة رضي الله عنها.

*وذكر عده قواصم ومفتريات على عثمان بن عفان والعواصم.

*وذكر الذين خرجوا على عثمان لقتله وسبب عدم دفاع الصحابة لما خرج عليه الخوارج أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أمرهم بعدم القتال وذكر أن الصحابة برئاء من دم عثمان رضي الله عنهم.

*وذكر قاصمة وهي اجتماع بعض الصحابة لخلع علي بن ابي طالب بعد ما باعت له وذكر العاصمة من ذلك.

* وذكر القاصمة في أسباب القتال بين علي ومعاوية وذكر العاصمة منها وسبب خروجهم الحقيقي فخرج معاوية لأخذ القصاص من قتلة عثمان وذكر أن الحق كان مع على بن أبي طالب وشيعته رضي الله عنهم أجمعين.

* وذكر الأحاديث الواهية في قضية التحكيم وذكر العاصمة من ذلك.

 * وذكر كذب من ادعي أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار أو نص على استخلاف على بن أبي طالب بعده ثم ذكر العاصمة من ذلك وذكر النصوص الدالة على استخلاف أبي بكر.

* وذكر كذب من قال إن عليًّا عهد إلى ابنه الحسن بالخلافة وذكر قوله النبي صلى الله عليه وسلم في أن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه "يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

* وذكر أباطيل في أن معاوية أكره ابن عمر ومحمد بن أبي بكر وابن الزبير في بيعة ليزيد وذكر جملة أحاديث في فضل معاوية ودفاعًا عنه مما قيل في حقه.

*وذكر حديث نزول القرآن على سبعة أحرف وذكر توجيه هذا الحديث وذكر جمع الصحابة للقرآن وأسباب الخلاف في القراءات

*وذكر أسباب الاختلاف والتعصب لمذهبٍ والعاصمة من ذلك، وأنه ينبغي على ولي الصبي أن يلقنه الإيمان، ويعلمه الكتابة، والحساب، وذكر أسماء عدة كتب يربى عليها الصبي في البداية.

* وذكر الحال عند نزول نازلة بالمسلمين.

خلاصة المبحث الثاني هو كتاب في المناقب والتاريخ يبحث فيه الكاتب القاضي ابن العربي مسألة مهمة وهى العصمة فالعصمة لا تكون إلا للأنبياء، ولكن ذلك لا يعنى أن يُطعن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فالطعن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو طعن بالنبي ذاته والعياذ بالله، فعندما كثر من دخل الدين ادعى الاسلام "تقية" وأخذ يطعن بالصحابة رضوان الله عليهم ليسقط هذا الدين من قلوب أصحابه، فذكر المؤلف مناقب الصحابة رضوان الله عليهم ورد على "مواضع الفخر التي يتكلم عنها أعداء الدين وبين وجه الحق فيها، فسمى الدعوة "قاصمة والرد عليها "عاصمة " حتى وصل في ردوده إلى العصر العباسي.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه.

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم

الكلمات الدلالية