الصوفية.. رؤية من الداخل (19) الطرق الصُّوفيَّة نشأتها وأشهر أسمائها

الصوفية.. رؤية من الداخل (19) الطرق الصُّوفيَّة نشأتها وأشهر أسمائها
الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣ - ١٠:٣٤ ص
247

 الصوفية.. رؤية من الداخل (19) الطرق الصُّوفيَّة نشأتها وأشهر أسمائها

كتبه /إمام خليفه

الحمد لله وكفى , وسلام على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المصطفى , وآله المستكملين الشرفا, وبعد..

تكلمنا في المقال السابق عن التَّصَوُّف في العصر الحديث ،واليوم بإذن الله تعالى نتكلم عن: الطرق الصُّوفيَّة نشأتها وأشهر أسمائها              

 

أولا: نشأة الطرق الصُّوفيَّة .

يعد أول من وضع حجر الأساس للطرق الصُّوفيَّة  هو الصوفي الإيراني محمد أحمد الميهمي(المتوفي سنة 430هـ)، والمعروف باسم أبي سعيد، فقد أقام في بلدته نظامًا للدراويش، وبنى خانًا بجوار منزله للصوفية، وجعل نظام تسلسل الطريق عن طريق الوراثية، ويبدو كذلك أنه من أوائل من كتب في طريقة التربية الصُّوفيَّة وهو سابق على عبد الكريم القشيري صاحب الرسالة القشيرية والتي كتب فيها صاحبها  أيضًا طائفة كبيرة من طرق التربية الصُّوفيَّة والقشيري توفي سنة( 465هـ )وكان مولده سنة(376هـ)، وأما مولد أبي سعيد فقد كان في سنة( 357هـ) فهو أكبر من القشيري وأقدم. وقد قيل إنه اتصل بعبد الرحمن السلمي، صاحب كتاب الطبقات، وأخذ عنه الخرقة الأولى، واتصل كذلك بأبي العباس القصاب، وأخذ عنه الخرقة الثانية، وقد انتشر بعد ذلك في القرنين الخامس والسادس الهجريين نظام الطرق الصُّوفيَّة، وانتقلت من إيران إلى المشرق العربي، فظهرت الرفاعية والقادرية في العراق، والأحمدية والشاذلية في مصر، ثُمَّ ظهرت بعد ذلك الدسوقية في مصر  أيضًا، ثُمَّ تتابع ظهور الطرق الجديدة، وكذلك الطرق المتفرعة من طرق قديمة حتى أصبحت الطرق تعد بالآلاف، وغالبًا ما تسمى الطريقة باسم مؤسسها، وأحيانًا تسمى باسم خاص (كالختمية) مثلًا (والزوامة)نسبة إلى الزم؛ لأنَّ ذكرهم (بالزوم) (وهي كلمة عامة مصرية معناه إخراج صوت معروف يخرج من الأنف والفم مقفول بعد الميم).

ثانيا:من أشهر أسماء الطرق الصُّوفيَّة:

1-الطريقة الشاذلية‌: طريقة صوفية تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي علي بن عبد الله المولود بغمارة من قرى سبتة سنة( 593- 656هـ‍)، ولد بقرية عمارة قرب مرسية في بلاد المغرب، وانتقل إلى تونس، وحج عدة مرات، ثُمَّ دخل العراق ومات أخيرًا في صحراء عيذاب بصعيد مصر في طريقه إلى الحج، قيل عنه: (إنه سهّل الطريقة على الخليقة)؛ لأنَّ طريقته أسهل الطرق وأقربها، فليس فيها كثير مجاهدة، انتشرت طريقته في مصر، واليمن، وبلاد العرب، وانتشرت طريقته كذلك في مراكش وغرب الجزائر وفي شمال أفريقيا وغربها بعامة يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصُّوفيَّة، وإن كانت تختلف عنها في سلوك المريد وطريقة تربيته بالإضافة إلى اشتهارهم بالذكر المفرد(الله)أو مضمرًا (هو) ومن الجدير بالذكر أن الدكتور عبد الحليم محمود الذي تولّى مشيخة الأزهر، كتب كتابًا في تمجيد الشاذلي ومدح الشاذلية، ففي ذلك الكتاب يذكر أن الله كلّمه على جبل زغوان، الجبل الذي اعتكف الشاذلي فيه في قمته، وتعبّد وتحنّث، والذي يذكره نقلًا عن صاحب كتاب "درة الأسرار": " قرأ الشيخ على جبل زغوان سورة الأنعام إلى أن بلغ إلى قوله -تعالى-: {وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} [الأنعام: 70] أصابه حال عظيم، وجعل يكررها ويتحرك، فكلما مال إلى جهة مال الجبل نحوها.. وما كانت حياته على الجبل إلا على نباتات الأرض وأعشابها"ولا ندري كيف يعقل هذا الكلام بل كيف ينقله شيخ الأزهر وهل صار الشاذلي في منزلة موسى عليه السلام. سبحانك هذا بهتان عظيم .

2-الطريقة ‌القادرية من الطرق المشهورة في بلاد أفريقيا والبلدان العربية وشبه القارة الهندية الباكستانية نسبة إلى عبد القادر الجيلي، ولد سنة(471 هـ)، أو الجيلاني نسبة إلى جيل، وهي بلاد متفرقة وراء طبرستان، ويقال لها جيلان وكيلان.

3- الختمية: هي طريقة صوفية، تلتقي مع الطرق الصُّوفيَّة الأخرى في كثير من المعتقدات، مثل: الغلوِّ في شخص الرسول H، وادعاء لقياه وأخذ تعاليمهم وأورادهم وأذكارهم التي تميزوا بها، عنه مباشرة. هذا إلى جانب ارتباط الطريقة بالفكر والمعتقد الشيعيِّ، وأخذهم من أدب الشيعة وجدالهم، ومحاولة المعاصرين منهم ربط الطائفة بالحركة الشيعيَّة المعاصرة، مؤسس الطريق: محمد عثمان بن محمد أبو بكر بن عبد الله الميرغني المحجوب ويلقب (بالختم) إشارة إلى أنه خاتم الأولياء، ومنه اشتق اسم الطريقة الختمية، وُلد محمد عثمان الميرغني (الختم) بمكة عام 1208هـ/1833م، وتلقَّى العلوم الشرعيَّة على يد علمائها، وغلب عليه الاهتمام بالتصوف شأن أفراد أسرته جميعًا، فانخرط في عدة طرق: القادرية، الجنيدية، النقشبندية، الشاذلية، وطريقة جدِّه الميرغنية، كما تتلمذ على الشيخ أحمد بن إدريس وأخذ تعاليم الطريقة الإدريسية ومن هذه الطرق جميعًا استمد تعاليم الطريقة بعث الميرغني بأبنائه إلى عدة جهات: جنوب الجزيرة، ومصر، والسودان للدعوة للطريقة الختمية ونشرها. تبنوا فكرة وحدة الوجود التي نادى بها من قبل محيي الدين بن عربي وتلامذته، وقالوا بفكرة النور المحمدي، والحقيقة المحمدية، وعبّروا عن ذلك نظمًا ونثرًا، وبسطوها لأتباعهم في مدائحهم، ومناجاتهم، وأذكارهم، وأورادهم، واستخدموا مصطلحات الوحدة والتجلي والانبجاس والظهور والفيض وغيرها من المصطلحات الفلسفية الصُّوفيَّة، واستشهدوا بما استشهد به أصحاب هذه النظريات من آيات أوّلوها، وأحاديث وضعوها وأفكار انتحلوها.

4-   النقشبنديةفرقة صوفية تنسب إلى (بهاء الدين محمد بن محمد البخاري) المعروف بشاه نقشبند المولود سنة(618هـ) بقرية قرب بخارى والمتوفى (791 هـ).

ولها انحرافات كثيرة منها: زعمهم أن الله يُرى في الدنيا، والاستعانة بمشايخهم من دون الله وقولهم بفناء النار، ووحدة الوجود، وزعمهم معرفة علم الغيب، وكثير من البدع والشركيات، والقول بوحدة الوجود، وما يحكونه عن أحوال مشايخهم وخصائصهم، وتصرفهم المطلق في ذرات الكون، ما لا يشك معه أحد في أن هذه الطريقة أحد طرق الصُّوفيَّة الغلاة، الخارجين على الكتاب والسُّنة، مع إصرار أصحابها بأنَّها طريقة سُنَّية لا تخرج عن أهل السُّنة والجماعة شبرًا واحدًا.

5- التيجانيةفرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصُّوفيَّة ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النَّبِيH، مقابلة مادية واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا، وأن النَّبِي Hقد خصهم بصلاة (الفاتح لما أُغلق) التي تحتل لديهم مكانة عظيمة. المؤسس هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وقد عاش ما بين (1150-1230هـ) (1737- 1815م)، وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حاليًّا، درس العلوم الشرعية، وارتحل متنقلًا بين فاس، وتلمسان، وتونس، والقاهرة، ومكة، والمدينة، ووهران، أنشأ طريقته عام (1196هـ) في قرية أبي سمغون، وصارت فاس المركز الأوَّل لهذه الطريقة، ومنها تخرج الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة، أبرز آثاره التي خلَّفها لمن بعده زاويته التيجانية في فاس، وكتابه جواهر المعاني، وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني الذي قام بجمعه تلميذه على حرازم.

من مشاهيرهم بعد المؤسس: عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي، ولد سنة 1797م، في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حاليًّا، تلقى علومه في الأزهر بمصر، ولما رجع إلى بلاده أخذ ينشر علومه بين الوثنيين، وكانت له جهود طيبة في مقاومة الفرنسيين، وقد كانت وفاته سنة (1283هـ) يؤمنون بوحدة الوجود، وبالفناء الذي يطلقون عليه اسم (وحدة الشهود) يزعمون بأن مشايخهم يكشفون عن بصائرهم، فهم يقولون عن شيخهم أحمد التيجاني: (ومن كماله I نفوذ بصيرته الربانية وفراسته النورانية التي ظهر بمقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها إظهار المضمرات وإخبار بمغيبات وعلم بعواقب الحاجات وما يترتب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات

6-الدسوقية: تنسب إلى إبراهيم الدسوقي(633- 676هـ‍) المدفون بمدينة دسوق في مصر، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون!!.

7-الطريقة الرفاعية والتي تنسب إلى أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد المعروف بابن الرفاعي، شيخ الطائفة الأحمدية الرفاعية البطائحية، لسكناه أم عبيدة من قرى البطائح، وهي بين البصرة وواسط، كان أصله من العرب فسكن هذه البلاد، والتف عليه خلق كثير، ولأتباعه أحوال عجيبة من أكل الحيات وهي حية، والدخول في النار؟ التنانير وهي تضطرم، ويلعبون بها وهي تشتعل، ويقال إنهم في بلادهم يكبون الأسود. وليس للشيخ أحمد عقب، وإنما النسل لأخيه وذريته يتوارثون المشيخة بتلك البلاد، ويذكرون أن الله أبرد لأتباعه النيران، وأزال لهم فاعلية السموم. وآلان لهم الحديد، وأذل لهم السباع والأفاعي، واخضع لهم طغاة الجن، وصرفهم في العوالم، وأطلعهم على عجائب الأسرار.

 

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم

الكلمات الدلالية