الصوفية.. رؤية من الداخل (13) التَّصَوُّف في القرن الرَّابع سماته، وأهم رموزه

الصوفية.. رؤية من الداخل (13) التَّصَوُّف في القرن الرَّابع سماته، وأهم رموزه
الخميس ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٣ - ١١:٣٠ ص
69

الصوفية.. رؤية من الداخل (13) التَّصَوُّف في القرن الرَّابع سماته، وأهم رموزه

كتبه/ إمام خليفة

الحمد لله وكفى , وسلام على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المصطفى , وآله المستكملين الشرفا, وبعد..

تكلمنا في المقال السابق عن التَّصَوُّف في القرن الثالث سماته، وأهم رموزه.

واليوم بإذن الله تعالى نتكلم عن: التَّصَوُّف في القرن الرَّابع سماته، وأهم رموزه.

شهد القرن الرَّابع عدة متغيرات منها:

1- ضعف الدولة العباسية.

2-ظهور دويلات صغيرة متناحرة.

3- ضعفت حركة الترجمة وظلت للفلسفة مكانتها.

4-ضعفت الحالة الفكرية والتناحر على الحكم وازدادت الفرق المذهبية.

5-استطاع المتصوفة أن يحافظوا على مكانتهم.

                  أ- إما برعاية السلاطين لهم مثل بعض سلاطين الدولة السلجوقية.

                  ب- أو بجهود دعاتهم.

6- ظهرت حركة تنظيم وتطوير التَّصَوُّف فظهرت كتب ومؤلفات عديدة في التَّصَوُّف لنشر أفكاره والتصدى للمعارضين، وظلَّت الصُّوفيَّة تواصل انتشارها في أرض فارس على الخصوص، ثُمَّ العراق وساعدها على انتشارها في فارس رجل يسمى أبو سعيد الميهني(440)، حيث أقام نظامًا خاصًا للخانات الذي أصبح فيما بعد مركزًا للصوفية، وقد قلَّده في ذلك عامة رجال التَّصَوُّف، ومن هنا نشأت في منتصف القرن الرَّابع الهجري بداية الطرق الصُّوفيَّة التي سرعان ما انتشرت في العراق، ومصر، والمغرب.

7- بحلول النصف الثَّاني من القرن الرَّابع، يبدأ السبر الحقيقي للتصوف، ووضع التصانيف فيه، فلئن كان أعلام الصُّوفيَّة في القرن الثَّالث، قد عرّفوا التَّصَوُّف تعريفًا يفتقر إلى التنظيم والشمول، ويغلب عليه طابع المقولات المتفرقة، فقد حفلت القرون التالية بتدوين منظم ومدروس لعلم التَّصَوُّف، وغدا له فقهاء، إن صحت له هذه التسمية. فها هو السـراج الطوسي المنعوت (بطاووس الفقراء) ينبري لوضع كتاب (اللمع في التَّصَوُّف) ليعلق في أصوله ومبادئه ومصطلحاته، وكل ما ينبغي للمصنف أن يقوم به حيال موضوعه. وينهض معاصره الكلاباذي ليرمي عن القوس نفسها فيضع كتابه (التعرف لمذهب أهل التَّصَوُّف). ويتوسع معاصرهما الثَّالث أبو طالب المكي فيصنف موسوعته (قوت القلوب في معاملة المحبوب).

8-في هذه المدة مال التَّصَوُّف إلى استكمال نظرياته في المعرفة، والأصول، والعقائدية، والكلام في الفناء، والاتحاد، والحلول، وربَّما كانت الريادة في هذا المجال للطوسي، إذ يعد كتابه (اللمع) أقدم مؤلف صوفي في هذا المجال. وفيه يجعل المقامات في سبعة، وهي: التوبة، والورع، والزهد، والفقر، والصبر، والتوكل، والرضا، ويجعل الأحوال في عشرة، هي: المراقبة، والقرب، والمحبة، والخوف، والرجاء، والشوق، والأنس والاطمئنان، والمشاهدة. والملحظ المهم الذي ينبغي إثباته هنا أن مقامات الطوسي وأحواله، نوعًا وكمًّا، ستكون هي اللبنات الأساسية التي لا يستغنى عنها أحد في الطريق الصوفي، أو عند من يعرض للأحوال والمقامات،

9-كان أبو طيفور البسطامي أول من قال بالاتحاد والحلول في القرن الثَّالث غير أنَّه لم يظهر ظهورًا قويا إِلَّا بعد مدة من الزمن.

10-نزع المتصوفة نزعة شبه فلسفية وضحت فيها شطحاتهم ودعواهم من القول بالفناء إلى إعلان الاتحاد والحلول

أشهر من أثَّروا في تلك الفترة

1-  الحلَّاج، وَهُوَ الْحُسَيْن بن مَنْصُور.وكنيته أبو مغيث، ولم يكن يحلج القطن، وإنما قيل: لأنه زعم أنه يحلج الأسرار، يعني يخبر عن أخبار الناس، وهو من أهل بيضاء فارس ونشأ بواسط والعراق، رده أكثر المشايخ ونفوه وأبوا أن يكون له قدم في التصوف ، ظل ينتقل بين البلاد مدعيا حلول الإلهية فيه، واختلفت الآراء فيه، فقيل ساحر، وقيل: مجنون، وقيل: صاحب كرامات، واختلفت الألسنة في أمره فلما كثرت الوشايات به عند المقتدر العباسي أمر بالقبض عليه فسجن، ثم أفتى العلماء بضربه ألف سوط، ما تأوه. وقطعت يده ثم رجله، وحز رأسه وصلب وأحرقت جثته، فقتل بإجماع علماء عصره الذين أفتوا بإلحاده وكان ذلك في ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة ببغداد.

2- أبو بكر الشبلي (334هـ). هو دلف بن جحدر، وقيل: ابن جعفر، الشبلي، نسبة إلى قرية من قرى اسروشنة، بلدة عظيمة وراء سمرقند، من بلاد ما وراء النهر. كنيته أبو بكر، الخراساني الأصل، والبغدادي المولد والمنشأ ، صحب الجنيد وطبقته ومجاهداته، في أول أمره متواترة؛ يقال: إنه اكتحل بكذا وكذا من الملح ليعتاد السهر ولا يأخذه النوم، وكان يبالغ في تعظيم الشرع المكرم.

3- الدينوري أبو العباس  أحمد بن محمد (340 هـ). أبو العباس الدينوري واسمه أحمد بن محمد، ورد نيسابور وأقام بها مدة وكان يعظ الناس ويتكلم على لسان المعرفة بأحسن كلام، ثم رحل من نيسابور إلى سمرقند، ومات بها بعد الأربعين وثلاثمائة،

4-أبو طالب المكي (386هـ). هو أبو طالب محمد بن علي بن عطية، الحارثي المكي صاحب كتاب قوت القلوب؛ كان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة, لم يكن من أهل مكة، وإنَّما كان من أهل الجبل وسكن مكة فنسب إليها، وكان يستعمل الرياضة كثيرًا حتى قيل عنه هجر الطعام زمانًا واقتصر على أكل الحشائش المباحة فاخضر جلده من كثرة تناولها. ، قدم بغداد فوعظ الناس فخلط في كلامه فتركوه وهجروه،  وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق، فبدعه الناس وهجروه، وامتنع من الكلام بعد ذلك. وتوفي لست خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلثمائة ببغداد.

5- أبو نصر عبد الله بن علي السراج هو عبد الله بن عَليّ بن يحيى أَبُو نصر السراج الطوسي الصُّوفِي مصنّف كتاب(اللمع فِي التصوف) توفّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة، كان يعرف بطاوس الْفُقَرَاء

إلى هنا ينتهي حديثنا عن الكلام حول التصوف في القرن الرابع سماته وأهم رموزه على أن نكمل حديثنا في المقال القادم إن شاء الله تعالى حول التَّصَوُّف في القرن الخامس سماته، وأهم رموزه.

 

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم

الكلمات الدلالية