قراءة في كتاب: الأزهر الشريف ومواقفه تجاه قضايا المرأة

قراءة في كتاب: الأزهر الشريف ومواقفه تجاه قضايا المرأة
الأربعاء ٢٢ يونيو ٢٠٢٢ - ١٧:١٩ م
164

قراءة في كتاب: الأزهر الشريف ومواقفه تجاه قضايا المرأة الفقهية في عام 2017م "دراسة فقهية"

قرأه/ محمود الشرقاوي.

المؤلف: د/ ربيع صابر علي عثمان. مدرس الفقه العام كلية البنات الأزهرية بالمنيا جامعة الأزهر الشريف. 

أهمية الكتاب: طُرحت عدة قضايا تخص المرأة في عام 2017م عام تكريم المرأة، وهي مسألة الطلاق الشفهي، والحضانة، وزواج القاصرات، وتحديد سن الزواج وإجبارها عليه الزواج، وكان للأزهر الشريف رأي تجاه هذه القضايا وحكمها الشرعي الذي يدين به الأزهر الشريف. 

عرض الكتاب:

المقدمة: ذكر أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قام بالمشاركة في هذه المؤتمرات وظهر في عدة قنوات فضائية وقام بإلقاء الكلمات التي أيدت دور المرأة في المجتمع واحترام حقها الذي كفله الإسلام لها وشارك بكتاباته المقالية في صحيفة "صوت الأزهر" مؤيداً نفس المنهج، وأنه من الخطأ النظر إلى أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقية من تهميش هو بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعانة بسبب بعدها عن تعاليم الإسلام.

المطلب الأول: ذكر تمهيدا لهذا البحث موضحاً فيه قيمة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وجهوده المباركة، في مصر وأفريقيا وزيارته لعدة دول أوربية وأسيوية، وأهمية الأزهر الشريف، وخاصة في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية.

المطلب الثاني: قضايا المرأة: ذكر دور الأزهر الشريف إجمالاً حول هذه القضايا وهي الطلاق الشفوي، وحضانة الأم لأبنائها ومدتها، الأزهر الشريف وحماية حقوق الأسرة، رفض الإجبار على الزواج، وزواج القاصرات.

المبحث الأول: موقف الأزهر الشريف من قضية الطلاق الشفهي: 

فقد دعا البعض إلى عدم إيقاعه، وقيدوا إيقاع الطلاق بتوثيقه لدي محكمة مختصة، حيث قام بتحريك قضية خالد الجندي وسعد الدين الهلالي حملت رقم 12265 لسنة 2017م اختصم فيها كلاً من رئيس الوزراء ووزير العدل وشيخ الأزهر.

وذكر أن اللجان المختصة بالأزهر الشريف قضت عدة أشهر من البحث والدراسة العميقة لأبعاد تلك القضية التي ملأت وسائل الإعلام، وأن شيخ الأزهر جهر بالحق أمام هؤلاء وأن الطلاق الشفوي شرعي واقع وأن الطلاق الرسمي طلاق قانوني، وأن العبرة بالشرع لا بالقانون.

ثم ذكر تفصيل ذلك في عدة مطالب.

المطلب الأول: فيه عدة تعريفات منها تعريف الطلاق لغة وشرعاً ومعني الطلاق الشفوي، والصحيح يسمي طلاق شفهي وذكر معني كلمة توثيق ومعني توثيق الطلاق في القانون. ومعني الطلاق الصريح.

المطلب الثاني: موقف الأزهر الشريف من قضية الطلاق الشفهي: 

ذكر الكاتب أنه منذ سنة م 1931ظهر نوعان من الزواج، الزواج الرسمي والزواج العرفي، وأيضاً ظهر نوعان من الطلاق، الطلاق الرسمي والطلاق الشفهي، ووقع الخلاف في الطلاق الشفهي هل يقع طلاقاً على المتزوجة زواجا رسمياً أم لا يقع إلا إذا كان بصفة رسمية أمام المأذون؟ 

وظهر ثلاثة أقوال:

الأول: وقوعه: ففي سنة 2017م عقدت هيئة كبار العلماء اجتماعاً، انتهت فيه بإجماع العلماء على وقوع الطلاق الشفهي، وعلى المطلق أن يبادر بتوثيق هذا الطلاق، حفاظاً على حقوق المطلقة وأبناءها.

وأدلة هذا القول: أن تعليق صحة هذا الطلاق على التوثيق المدني، فيه إهدار لعبارة الزوج التي اعتبرها الشرع طلاقا في كل آيات الطلاق في القرآن مثل قوله تعالي (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)، وكذلك كل ما ورد عن الصحابة الذين طلقوا في حياة النبي صلي الله عليه وسلم، وحكم بصحة هذا الطلاق، دون تعليقه على الإشهاد أو التوثيق، كما في قصة ابن عمر، وزوجة رفاعة وغيرهم.

ثم ذكر شبهات من قال بعدم وقوع الطلاق الشفهي، والرد عليها، مثل:

إن عدم وقوعه يحد من الطلاق. 

فقال: بل بالعكس يزداد الطلاق ويستهين به الناس، وبالتالي يعيشون في حرام مع أزواجهم، وهل الطلاق عند المأذون يعد طلاقاً رجعياً أم بائنا؟ وإذا طلقها عند المأذون أين تجلس عدتها؟ ولو وثقه عند المأذون ثم راجعها فيما بينهما دون الرجوع للمأذون ثم حملت كيف يوثق هذا المولود؟ ولو مات أحدهما بعد هذه الرجعة كيف يتم ميراث بين زوجين صدرت وثيقة طلاق بينهما؟

القول الثاني: يري تعليق صحة وقوع الطلاق الشفهي مطلقاً على حضور شاهدين عدلين ساعة صدوره.

وهو قول الشافعي في القديم والظاهرية، وروي عن علي بن أبي طالب وعطاء وابن سيرين، واختيار الشيخ أحمد شاكر. 

ودليلهم قول الله تعالي (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)

القول الثالث: يري عدم احتساب الطلاق الشفهي للمتزوجة رسمياً مطلقاً وهو اتجاه مشرع لقانون الأحوال الشخصية رقم100 لسنة1985 م، ونادي بذلك بعض المشايخ المعاصرين. 

ودليلهم عدم وقوع الطلاق بمجرد التلفظ به في بعض الأحوال، كالطلاق في الحيض والغضب، وغير ذلك من الأدلة، وأول من أثارها الشيخ جاد الحق ، وقدم اقتراح بذلك، ورفض هذا الاقتراح علماء مجمع البحوث الإسلامية، وناقشوا أدلة هذا القول، وأن ما ذكروه لا يندرج تحت أصله مسألة الطلاق الشفهي، وأن القول بعدم وقوعه  عار عن الأدلة، وأن الحكم بوقوع الطلاق الصريح هو حكم الله ورسوله وعليه إجماع علماء الأمة، واشتراط توثيقه تعدي، وداخل تحت قوله صلي الله عليه وسلم «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ »،

ورجح الكاتب: ما ذهبت إليه هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، والذي أخذت به محكمة النقض المصرية سنة 1982م، والمحكمة الدستورية العليا سنة 2006م، إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي الأركان والشروط، وهو ما استقر عليه عمل المسلمون منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلى الآن، وذكر أسباب ترجيح هذا القول.

المبحث الثاني: موقف الزهر الشريف تجاه قضية صاحب الحق في الحضانة ومدتها.

ذكر فيه أربعة مطالب وتمهيدًا.

التمهيد: وذكر فيه قول شيخ الأزهر الدكتور/ أحمد الطيب: إن أحكام الإسلام في الحضانة أحكام دقيقة لو طبقت فسوف تلتقي مع مصالح الأب والأم والطفل. 

المطلب الأول: ذكر فيه تعريف الحضانة لغة وشرعاً عند المذاهب الأربعة وفي القانون.

المطلب الثاني: حكمها الفقهي.

الحضانة واجبة على الأبوين، وذكر الكاتب أدلة مشروعيتها. 

قوله تعالي (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). 

وفي السنة كقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة: "أنت أحق به ما لم تنكحي". 

ونقل من الإجماع ما يدل على ذلك.

المطلب الثالث: موقف الأزهر الشريف تجاه قضية صاحب الحق في الحضانة. 

نقل قول شيخ الأزهر بأن الحضانة للأبوين إذا كان النكاح قائماً بينهما، فإن افترقا بموت الأب أو الطلاق انتقلت للأم، ثم ذكر تعقيب بين فيه اختلاف الفقهاء في وقت انتهاء الحضانة، وأنه لا يوجد دليل في هذه المسألة.

والقاعدة "أن الحضانة تدور وجوداً وعدماً مع مصلحة الطفل"، وعلق على قوله صلي الله عليه وسلم للمرأة: "أنت أحق به ما لم تنكحي" أن تفسيره هي أحق به ما لم تتزوج؛ فإن تزوجت ينظر في إمكانيتها لحضانة الطفل ورغبتها في الحضانة، والقانون أخذ بقول الفقهاء بإسقاط حضانة الأم بزواجها.

المطلب الرابع: موقف الأزهر من (مدة الحضانة- وتحديد سنها). 

انحاز شيخ الأزهر إلى القول بمد فترة الحضانة لخمسة عشر عاما، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وبه أخذ مجمع البحوث الإسلامية. 

ونقل التوصيف القانوني للمسألة، وأقوال الفقهاء الأربعة في مدة الحضانة وأدلتهم، ثم أيد القول بمد فترة الحضانة لخمسة عشر عاما، وهو ما أخذ به القانون المصري.

المبحث الثالث: موقف الأزهر الشريف من زواج القاصرات.

وفيه أربعة مطالب.

المطلب الأول: تعريف القاصر لغة وشرعاً. 

ويشمل معني الصبي واليتيم والصغير، فعرف هذه الكلمات.

أما تعريف القاصر في القانون، هو من تزوج دون السن المحدد قانوناً وهو سن ثمانية عشرة سنة، ويسمي زواج الصغار في الإسلام.

المطلب الثاني: مفهوم زواج الصغار في الإسلام. 

وجوز عقد الزواج وهي صغيرة والدخول بها يكون بعد البلوغ.

المطلب الثالث: موقف الأزهر الشريف من زواج القاصرات. 

نقل رأي شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب: أن هذا الزواج جائز ويجب أن يكون منصبا في مصلحة الصغير والصغيرة لا مصلحة الأولياء، وقال أن هذا الزواج كان موجدا حتي جيله، وكانت الأسر تفتخر به، بأن البنت إذا بلغت يزوجها وليها من كفء، ولكن الآن في الغالب يمتنع أهل البنت من زواجها حتي تنتهي من دراستها الجامعية. 

وذكر أدلة مشروعية هذا الزواج، من القرآن قوله تعال: (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ) وقوله: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ)، وأن النبي صلي الله عليه وسلم "عقد علي عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع" أي بعد بلوغها.

الأقوال الأخرى: وذكر أنه يوجد قولان آخران للعلماء مردود عليهما: 

الأول: عدم تزويج الصغيرة حتى تبلغ، وهو قول ابن شبرمة وعثمان بن البتي.

الثاني: جواز زواج الصغيرة قبل البلوغ، أما الصغير لا يجوز تزويجه قبل البلوغ، وهو قول ابن حزم.

وناقش هذه الأقوال وقال الراجح ما ذهب إليه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وهو الجواز بضوابط وشروط وضعها أهل العلم من الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة.

المطلب الرابع: موقف الزهر الشريف من تحديد سن معين للزواج.

وفيه تمهيد بين فيه المعارك الفكرية التي يثيرها البعض حول هذا الأمر، وكذب من قال إن الشريعة الإسلامية هي السبب في تفشي ظاهرة زواج القاصرات.

ونقل قول شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن زواج القاصرات يسمى في الفقه بزواج الصغيرات، وأننا لا بد أن نفرق بين القاصرات بمعنيين: 

أولهما: القاصرات بمعنى أن الفتاة لم تبلغ سن الحلم، وأن هذا النوع لا أظن أنه كان موجوداً. 

وثانيهما: أن الفتاة بلغت سن الحلم للتو، ولم تكتمل الفترة التي تكون فيها مستعدة نفسياً وعقلياً للزواج، وهذا هو الذي يحدث، وأوضح فضيلته أنه لا يوجد نص لا في القرآن ولا السنة بالجواز أو المنع، لكن هذا الأمر عولج في التشريع وهو الترغيب في الزواج، لأن الإسلام يقرر أن الزنا حرام، وأن اتصال الرجل بالمرأة خارج إطار الزواج الشرعي محرم، فإذاً لا مفر من تيسير الزواج وتبسيطه والدعوة إليه قدر الإمكان.

خلاف الفقهاء: ثم ذكر أن مسألة تحديد سن معين للزواج فيها قولان:

الأول: أن للحاكم أن يسن قانونا يحدد فيه سن الزواج للقاصرات، وأن ذلك لا يخالف الشريعة، وهو قول بعض الفقهاء المعاصرين منهم د محمد الأحمدي أبو النور، ود محمد النجيمي عضو المجتمع الفقهي بالسعودية، وذكر أدلة هذا القول والردود عليه.

القول الثاني: عدم تحديد سن معينة للزواج، وهو ما ذهب إليه ثلة من العلماء المعاصرين منهم: مصطفي السباعي، وابن باز، وابن عثيمين، وعمر الأشقر، وذكر أدلة هذا القول والردود عليه.

وبعد عرض أدلة الفريقين، رجح القول الثاني وهو عدم تحديد سن معينة للزواج.

* سن الزواج في قوانين الدول الغربية: 

- في فرنسا: لا يجوز زواج الرجل قبل الثامنة عشر، ولا المرأة قبل الخمسة عشرة سنة.

- في المانيا: لا يجوز زواج الرجل قبل بلوغه، ولا المرأة قبل السادسة عشرة سنة.

- في يوغوسلافيا: لا يجوز زواج الرجل قبل الخامسة عشر، ولا المرأة قبل الثالثة عشرة سنة.

- في رومانيا، بلجيكا، اليابان: سن المرأة الخمسة عشرة سنة.

- في إيطاليا وولاية ألاباما وجورجيا ونيويورك وكولمبيا: سن المرأة الرابعة عشرة سنة.

- وفي بريطانيا والأرجنتين وأمريكا وكثير من الدول: لا يجوز زواج الرجل قبل الرابعة عشر، ولا المرأة قبل الثانية عشرة سنة.

وبناءً عليه: كيف يرفع سن الزواج في بلاد المسلمين لثمانية عشرة سنة.

المبحث الرابع: موقف الزهر الشريف من حكم إجبار البالغة على النكاح ممن لا تريده.

- اتفق الفقهاء على أن انكاح الأب ابنته الثيب بغير رضاها لا يجوز.

- واختلف الفقهاء في إجبار البالغة على النكاح عي قولين:

الأول: لا يجوز إجبار البالغة على النكاح فإن أبت لم يجز العقد، وهو قول الحنفية والظاهرية والإمام مالك والإمام أحمد في رواية، ووافق هذا قول الأزهر الشريف، ونقل قول شيخ الأزهر في ذلك، ونصيحته للفتيات إن أجبرت على الزواج ممن لا تريده أن تعالج الأمر بحكمة، محذراً الفتيات من التفكير في الهروب من الأسرة.

 القول الثاني: وهو مذهب جمهور من الشافعية والمالكية والإمام أحمد في رواية، إلى أن للأب إجبار البالغة البكر على النكاح.

وذكر أدلة الفريقين وسبب الخلاف، ورجح: القول الأول..

 ثم ذكر خاتمة البحث.

والحمد لله رب العالمين.

أكاديمية أسس للأبحاث والعلوم

الكلمات الدلالية